ج - حكم الشيخ الفاني المعبر عنه بالهم، وكذا المقعد والأعمى:
وأما الشيخ الفاني فقد مر عن الخلاف والمبسوط ثبوت الجزية عليه.
وفي الجواهر عن الإسكافي والنافع والقواعد السقوط عنه (1)، وبه أفتى الخرقي أيضا كما مر. يظهر من الشرائع التوقف فيه.
وإطلاق الآية وبعض الأخبار ومنها خبر معاذ وإن اقتضى الثبوت، لكن مقتضى رواية حفص التي مرت هو السقوط عنه.
ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ بإسناده، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: " اقتلوا المشركين، واستحيوا شيوخهم وصبيانهم. " (2) والسند كما ترى لا بأس به.
وإذا لم يقتل شيوخ المشركين فشيوخ أهل الكتاب أولى بذلك. وقد مر في رواية حفص تعليل سقوط الجزية عن النساء بأنه لما لم يمكن قتلها رفعت الجزية عنها، هذا التعليل جار في المقام أيضا.
وربما يفصل فيه بأنه إن كان ذا رأي وقتال أخذت منه، وإلا فلا، فيكون جواز أخذ الجزية وعدمه تابعا لجواز قتله وعدمه.
قال في التذكرة:
" الشيخ من المحاربين إن كان ذا رأي وقتال جاز قتله إجماعا وكذا إن كان فيه قتال ولا رأي له أو كان له رأي ولا قتال فيه، لأن دريد بن الصمة قتل يوم بدر (يوم حنين - ظ.) وكان له مأة وخمسون سنة وكان له معرفة بالحرب وكان المشركون يحملونه معهم في قفص حديد ليعرفهم كيفية القتال فقتله المسلمون ولم ينكر عليهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وإن لم يكن له رأي ولا قتال لم يجز قتله عندنا، وبه قال أبو حنيفة