المسألة الأولى: في الجزية:
والأصل فيها قوله - تعالى - في سورة التوبة: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله لا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون. " (1) في المجمع:
" قيل: هذه الآية نزلت حين أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحرب الروم فغزا بعد نزولها غزوة تبوك، عن مجاهد. وقيل: هي على العموم. " (2) والظاهر أن كلمة: " من " بيانية لا للتبعيض، وأن نفي الإيمان بالله وباليوم الآخر عنهم مع أنهم من أهل الكتاب من جهة أنهم لا يرون ما هو الحق في باب التوحيد المعاد، ولا يلتزمون بلوازمهما في مقام العمل. وقيل: لأنهم يضيفون إلى الله - تعالى - ما لا يليق بذاته، فكأنهم لا يعرفونه حتى يؤمنوا به.
والمراد برسوله إما النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة الإنجيل، وإما رسول أنفسهم كموسى وعيسى (عليه السلام). فالمعنى أنه لا يحرم كل أمة منهم ما حرمه رسولهم أيضا. حيث إنهم نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم. وقد وصفهم الله - تعالى - بهذه الأوصاف الدالة على ذمهم تعليلا لإيجاب قتالهم وتهييجا للمؤمنين على ذلك.
ومن المظنون أن " الجزية " معربة من كلمة: " گزيت " الفارسية وليست عربية.
وقال الماوردي: