الجهة الثامنة:
في غنائم أهل البغي وأساراهم:
قال في الجواهر في معنى البغي:
" هو لغة: مجاوزة الحد، والظلم، والاستعلاء، وطلب الشيء. وفي عرف المتشرعة:
الخروج عن طاعة الإمام العادل (عليه السلام) على الوجه الآتي. والمناسبة بينه وبين الجميع واضحة. وإن كانت هي في الظلم أتم. " (1) أقول: يشبه أن يرجع جميع المعاني إلى المعنى الأول، أعني المجاوزة والتجاوز عن الحد. حتى إن الطلب أيضا لا يسمى بغيا وابتغاء إلا إذا جاوز الحد المتوسط. يمكن إرجاع الجميع إلى الطلب أيضا، فيراد هنا طلب المجاوزة والظلم.
والظاهر عدم اختصاص البغي وأحكامه شرعا بتجاوز الأمة على الإمام العادل، إن كان هذا من أظهر مصاديقه، لعموم الآية وبعض الأخبار الواردة:
قال الله - تعالى - في سورة الحجرات: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين. " (2) فحكم القتال في الآية قد علق على صفة البغي، وتعليق الحكم على الوصف يشعر بالعلية بل يدل عليها، فيعلم بذلك أن الملاك في وجوب القتال أو جوازه هو البغي التجاوز، سواء كان من فئة على فئة، أو دولة على دولة، أو فئة على الإمام العادل، أو الإمام الجائز بجنوده على الأمة. والطائفة تصدق على الثلاثة فما فوقها،