الجهة الأولى:
في معنى الخراج وموضوعه ومقداره:
فنقول: الخراج مثلثة الفاء، وقد مر منا أنه كان يطلق على الضريبة التي كانت توضع على الأراضي المفتوحة عنوة أو صلحا على أنها للمسلمين أو لإمام المسلمين، أو على الأراضي التي انجلى عنها أهلها، بل وعلى أراضي الموات أيضا على احتمال قوي عندنا كما يأتي بيانه في فصل الأنفال، سواء وقع التقبيل بنحو الإجارة أو بنحو المزارعة. وربما كان يطلق على ما يؤخذ بنحو الإجارة الخراج وعلى ما يؤخذ بنحو المزارعة المقاسمة.
وربما يظهر من صحيحة محمد بن مسلم إطلاق الخراج على الجزية بقسميها أيضا، قال: " سألته عن أهل الذمة ماذا عليهم مما يحقنون به دماءهم وأموالهم؟ قال:
الخراج، وإن أخذ من رؤوسهم الجزية فلا سبيل على أرضهم وإن أخذ من أرضهم فلا سبيل على رؤوسهم. " (1) فيظهر من الصحيحة أن الخراج أعم من الجزية.
وفي مجمع البحرين:
" وقيل: يقع اسم الخراج على الضريبة والفئ والجزية والغلة، ومنه خراج العراقين. " (2) وفي لسان العرب عن الفراء:
" أن جملة معنى الخراج الغلة، وقيل للجزية التي ضربت على رقاب أهل الذمة خراج، لأنه كالغلة الواجبة عليهم. " (3) هذا.