وفي تفسير المنار في تفسير آية الأنفال:
" فإذا التقى الجيشان فالواجب علينا بذل الجهد في قتل الأعداد دون أخذهم أسرى، لئلا يفضي ذلك إلى ضعفنا ورجحانهم علينا، إذا كان هذا القتل قبل أن نثخن في الأرض بالعزة والقوة التي ترهب أعداءنا، حتى إذا أثخناهم في المعركة جرحا قتلا وتم لنا الرجحان عليهم فعلا، رجحنا الأسر المعبر عنه بشد الوثاق، لأنه يكون حينئذ من الرحمة الاختيارية وجعل الحرب ضرورة تقدر بقدرها، لا ضراوة بسفك الدماء ولا تلذذا بالقهر والانتقام. " (1) وقد مر خبر البيهقي بسنده، عن ابن عباس في قوله - تعالى -: " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض "، قال: " وذلك يوم بدر والمسلمون يومئذ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله - تعالى - هذا في الأسارى: " إما منا بعد إما فداء "، فجعل الله النبي والمؤمنين بالخيار في أمر الأسارى إن شاؤوا قتلوهم، وإن شاؤوا استعبدوهم، وإن شاؤوا فادوهم. " (2) الثاني: قد أشرنا إلى أن المشهور بيننا في من أسر بعد إثخان العدو وتقضي القتال هو تخيير الإمام بين المن والفداء والاسترقاق. ويدل على ذلك رواية طلحة. وصرح الأكثر بعدم جواز قتلهم حينئذ، وادعى في مجمع البرهان عدم الخلاف فيه، بل ظاهر التذكرة والمنتهى الإجماع عليه.
ولكن صرح بعض أصحابنا بجواز القتل أيضا، كما أفتى به الشافعي، فيقع التخيير في أمور أربعة:
قال الشيخ في تفسير سورة محمد بن التبيان:
" والذي رواه أصحابنا أن الأسير إن أخذ قبل انقضاء الحرب...
وإن كان أخذ بعد وضع الحرب أوزارها وانقضاء الحرب والقتال كان مخيرا بين المن والمفاداة إما بالمال أو النفس، وبين الاسترقاق وضرب الرقاب. فإن أسلموا