المبسوط والشرائع ثبوتها عليه. ونسب في الخلاف إلى أبي حنيفة أيضا السقوط، وبه قال الخرقي أيضا كما مر.
وفي المنتهى ما ملخصه:
" وفي سقوط الجزية عن الفقير منهم لعلمائنا قولان: أشهرهما أنها لا تسقط، اختاره الشيخ، بل ينظر إلى وقت يساره، وبه قال المزني وهو أحد قولي الشافعي. قال المفيد وابن الجنيد: لا جزية عليه، وهو القول الآخر للشافعي، وبه قال أحمد. لنا عموم قوله - تعالى -: " حتى يعطوا الجزية ". يعني حتى يلزموا بالإعطاء، ولأنه كافر مكلف فلا يعقد الذمة بغير عوض. ولقوله (عليه السلام) لمعاذ: " خذ من كل حالم دينارا " وهو عام، لأن عليا (عليه السلام) وظف على الفقير دينارا. " (1) أقول: إن أريد بالفقير الفقير الشرعي، أي من لا يملك مؤونة سنته، أو الفقير العرفي وإن تمكن من أداء الجزية ولو تدريجا كأكثر أفراد المجتمع، فعموم الأدلة يشمله. وقد كان الخلفاء وأمير المؤمنين (عليه السلام) يوظفون عليهم كما يأتي في رواية مصعب بن يزيد الأنصاري. وإن أريد به من لا كسب له ولا مال أصلا فالحق هو السقوط. ويدل عليه قوله - تعالى -: " لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها. " والشيخ في الخلاف لم يعبر بالفقير، بل عبر بمن لا كسب له ولا مال، فموضوع بحثه في الخلاف يخالف موضوع بحثه في المبسوط، فراجع.
ه - حكم الرهبان وأصحاب الصوامع في هذا الباب:
وأما الرهبان وأصحاب الصوامع فقد مر عن الخلاف ثبوت الجزية عليهم، قال: في أصحابنا من قال: لا تؤخذ منهم الجزية، وللشافعي فيه قولان. (2)