الأمر الخامس:
في التعرض لبعض أنواع الفيء:
أقول: حيث إن أكثر أنواع الفيء ذكرت في أخبارنا وفتاوى أصحابنا باسم الأنفال فالأولى أن نتعرض لها في الفصل الآتي المعقود لبيان الأنفال.
ولكن هنا أمور ثلاثة عدت في كلماتهم من الفيء ولم يعهد ذكرها في باب الأنفال، وهي الخراج والجزايا والعشور التي كانت تؤخذ من تجار أهل الذمة أو أهل الحرب.
قال أبو عبيد في كتاب الأموال:
" فالأموال التي تليها أئمة المسلمين هي هذه الثلاثة التي ذكرها عمر، وتأولها من كتاب الله - عز وجل -: الفيء، والخمس، والصدقة...
فأما الصدقة فزكاة أموال المسلمين من الذهب والورق، والإبل والبقر والغنم، الحب والثمار. فهي للأصناف الثمانية الذين سماهم الله - تعالى -، لاحق لأحد من الناس فيها سواهم. ولهذا قال عمر: هذه لهؤلاء.
وأما مال الفيء فما اجتني من أموال أهل الذمة مما صولحوا عليه من جزية رؤوسهم التي بها حقنت دماؤهم وحرمت أموالهم. ومنه خراج الأرضين التي افتتحت عنوة، ثم أقرها الإمام في أيدي أهل الذمة على طسق يؤدونه. ومنه وظيفة أرض الصلح التي منعها أهلها حتى صولحوا منها على خراج مسمى. ومنه ما يأخذه العاشر من أموال أهل الذمة التي يمرون بها عليه لتجارتهم. ومنه ما يؤخذ من أهل الحرب إذا دخلوا بلاد الإسلام للتجارات. فكل هذا من الفيء. وهو الذي يعم المسلمين:
غنيهم فقيرهم، فيكون في أعطية المقاتلة، وأرزاق الذرية، وما ينوب الإمام من أمور الناس بحسن النظر للإسلام وأهله.
وأما الخمس فخمس غنائم أهل الحرب، والركاز العادي، وما يكون من غوص أو