الأمر الثالث:
أن الفيء والأنفال لا خمس فيها:
قد مر في بحث الغنائم أن الخمس إنما يثبت فيها بعد سد النوائب منها وإرادة تقسيمها بين المقاتلين، فيكون الخمس فيها بلحاظ تقسيمها بينهم وصيرورتها لهم، حيث إن الخمس ضريبة إسلامية تؤخذ من أموال الناس بنفع بيت المال والدولة الإسلامية ويؤدونها إلى الإمام بما هو إمام المسلمين.
والفئ والأنفال تكون بأجمعها للإمام وتكون خالصة له، فلا مجال للخمس فيها.
وهو الظاهر من أكثر كلمات الأصحاب وأكثر فقهاء السنة.
وقد مر عن الواقدي قول عمر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا تخمس ما أصبت من بني النضير كما خمست ما أصبت من بدر؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " لا أجعل شيئا جعله الله لي دون المؤمنين بقوله - تعالى -: " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى... " كهيئة ما وقع فيه السهمان للمسلمين. " (1) وظاهره كون جميع المال له، فلا تقسيم فيه ولا خمس.
ولكن عن الشافعي ثبوت الخمس في الفيء أيضا كالغنيمة وهو الظاهر من الخلاف أيضا:
1 - قال في الخلاف (المسألة 2 من كتاب الفيء وقسمة الغنائم):
" الفيء كان لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة، وهو لمن قام (يقوم خ. ل) مقامه من الأئمة (عليهم السلام). وبه قال علي (عليه السلام) وابن عباس وعمر، ولم نعرف لهم مخالفا.
وقال الشافعي: كان الفيء يقسم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على خمسة وعشرين