" فإن مثل الزكاة والخمس والكفارات وأشباهها من الحقوق الثابتة في الإسلام بمنزلة القدر المتيقن منها، كما يؤيد ذلك بل يدل على أصل المدعى قضاء الضرورة بجريان سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة القائمين مقامه على عدم مؤاخذة من دخل في الإسلام بشيء من هذه الحقوق بالنسبة إلى الأزمنة الماضية. " (1) أقول: اللهم إلا أن يقال: إن عدم مؤاخذتهم بها لعله كان لعدم تعلقها بالكفار لا لجب الإسلام إياها.
وكيف كان فبعد الإسلام لا يجوز أخذ الجزية بلا إشكال ولا سيما بالنسبة إلى المستقبل وحال إسلامه.
ولكن في أحكام القرآن للجصاص:
" وقد كان آل مروان يأخذون الجزية ممن أسلم من أهل الذمة ويذهبون إلى أن الجزية بمنزلة ضريبة العبد فلا يسقط إسلام العبد ضريبته. " قال:
" وهذا خلل في جنب ما ارتكبوه من المسلمين ونقض الإسلام عروة عروة إلى أن ولى عمر بن عبد العزيز فكتب إلى عامله بالعراق عبد الحميد بن عبد الرحمان: أما بعد، فإن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) داعيا ولم يبعثه جابيا، فإذا أتاك كتابي هذا فارفع الجزية عمن أسلم من أهل الذمة. فلما ولي هشام بن عبد الملك أعادها على المسلمين. وكان أحد الأسباب التي لها استجاز القراء والفقهاء قتال عبد الملك بن مروان والحجاج - لعنهما الله - أخذهم (هما - ظ.) الجزية من المسلمين، ثم صار ذلك أيضا أحد اثبات (أسباب - ظ.) زوال دولتهم وسلب نعمتهم. " (2)