4 - وفي كتاب الأموال لأبى عبيد: حدثني أحمد بن يونس، عن أبي شهاب الحناط، عن أبي عبد الله الثقفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي يحدث أن عليا (عليه السلام) قال: " إن الله - عز وجل - فرض على الأغنياء في أموالهم ما يكفى للفقراء.
فإن جاعوا أو عروا أو جهدوا فبمنع الأغنياء، وحق على الله - تبارك وتعالى - أن يحاسبهم ويعذبهم. " (1) إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في هذا المجال.
فنفس هذه الروايات الكثيرة من أقوى الأدلة على أن الزكاة ليست من الواجبات العبادية المجهولة الملاك التي يؤتى بها بداعي التقرب المحض من دون أن يلحظ في تشريعها الحكم والمصالح الاجتماعية. بل الزكاة المفروضة في كل زمان وصقع يجب أن تناسب المصارف الثمانية المذكورة لها في الكتاب العزيز.
وبعبارة أخرى: هذه الروايات الدالة على حكمة الزكاة محكمات وميزان يوزن به الحق من أخبار الباب.
وحيث إن منابع الثروة وكذا المصارف والحاجات تتغير بحسب الأصقاع الأزمنة فلا محالة يتغير ما فيه الزكاة أيضا بحسبهما ولا يتحقق ذلك الا بما لوحنا إليه من كون المشرع بحسب حكم الله - تعالى - أصل وجوب الزكاة وإيجاب أخذها من قبل الحكومة الحقة وصرفها في مصارفها الثمانية على ما نطق به القرآن، وأما ما فيه الزكاة فالكتاب دل عليه بنحو العموم، وتعيينه في الأموال الخاصة مفوض إلى من إليه الحكم في كل صقع وزمان حسب تشخيصه للأموال والحاجات ولعل موضوعها في الشرائع السالفة أيضا كان مسانخا لعمد ثروتهم في تلك الأعصار. ثم إن القول بأن الله - تعالى - جعل الزكاة أعني العشر وربع العشر ونحوهما في التسعة المعهودة فقط بشرائطها الخاصة للمصارف الثمانية بسعتها، وجعل الخمس في سبعة أمور منها المعادن بسعتها وأرباح المكاسب بشعبها للإمام ولفقراء بني هاشم