ودين الإسلام شرع لجميع البشر ولجميع الأعصار كما نطق بهما الكتاب والسنة، فلا محالة ذكر في الكتاب العزيز أصل ثبوت الزكاة وخوطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله - تعالى -: " خذ من أموالهم صدقة " (1) ولم يذكر فيه ما فيه الزكاة بنحو التعيين، بل الجمع المضاف يفيد العموم، وذكر فيه عمومات أخر أيضا كقوله - تعالى -: " ومما رزقناهم ينفقون " (2) وقوله: " يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض " (3) وغير ذلك من الآيات العامة - والمقصود بالإنفاق هو الزكاة بدليل قوله - تعالى -: " والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. " (4) - وفوض بيان ما فيه الزكاة إلى أولياء المسلمين وحكام الحق في كل صقع وكل زمان، وقد وضع رسول الله بما أنه كان حاكما على المسلمين في عصره الزكاة على تسعة أشياء لما كانت هذه التسعة عمدة ثروة العرب في عصره ومجال حكمه وعفا عما سوى ذلك، ولعله (صلى الله عليه وآله وسلم) جعلها في آخر عمره الشريف في أكثر من ذلك، كما في كلام يونس، وهو كان رجلا بصيرا بالكتاب والسنة وكان من أجلاء أصحاب الرضا (عليه السلام) ومن علمائهم، وأئمتنا (عليهم السلام) أيضا ربما جعلوها في بعض الأحيان في أكثر من التسعة كما تدل على ذلك روايات كثيرة وفيها الصحاح والحسان، وربما شاهدوا في بعض الأحيان أن الزكوات المأخوذة كانت تصرف في تقوية دول الضلال والجور ورأوا أن الجباة لها يستندون في تعميمها لسائر الحبوب وأموال التجارة غيرها إلى النقل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأراد الأئمة (عليهم السلام) تضعيف دولتهم بسد منابعهم المالية فنقلوا ما هو الواقع من أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وضعها في تسعة ليرتدع الناس عن إعطاء الزكاة إليهم.
وبالجملة، حيث إن ثروات الناس ومنابع أموالهم تتطور وتتغير بحسب الأصقاع