والأعصار وكذلك الخلات والحاجات فلا مناص عن إحالة تعيين ما فيه الزكاة من الأعيان إلى ولاة الأمر وحكام العدل في كل عصر ومكان حسب ما يبدو لهم من الحاجات، والبلاد والأصقاع من حيث الإنتاجات والاحتياجات في غاية الاختلاف.
ويشهد لذلك ما ورد من جعل أمير المؤمنين (عليه السلام) الزكاة في الخيل، وظاهر ذلك جعلها بنحو الوجوب:
ففي صحيحة محمد بن مسلم وزرارة، عنهما - عليهما السلام - جميعا، قالا: " وضع أمير المؤمنين (عليه السلام) على الخيل العتاق الراعية في كل فرس في كل عام دينارين وجعل على البراذين دينارا " (1) والظاهر أن المراد بها الزكاة لا الخراج، لتسمية ذلك صدقة في صحيحة زرارة، قال: قلت لأبى عبد الله (عليه السلام) هل في البغال شئ؟ فقال: لا، فقلت: فكيف صار على الخيل ولم يصر على البغال؟ فقال: لأن البغال لا تلقح والخيل الإناث ينتجن، وليس على الخيل الذكور شيء. قال: قلت: فما في الحمير؟ قال: ليس فيها شيء. قال: قلت:
هل على الفرس أو البعير يكون للرجل يركبهما شيء؟ فقال: " لا ليس على ما يعلف شئ، انما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها عامها الذي يقتنيها فيه الرجل. " (2) هذا.
وهل يمكن الالتزام في مثل أعصارنا بحصر الزكاة في التسعة المعهودة بالشرائط الخاصة؟! مع أن الذهب والفضة المسكوكين وكذا الأنعام الثلاثة السائمة لا توجد إلا أقل قليل وكأنها منتفية موضوعا، والغلات الأربع في قبال سائر منابع الثروة: من المصانع العظيمة، والتجارات الضخمة المربحة، والأبنية المرتفعة، والسفن