لا أعرف شيئا عليه الزكاة غير هذا، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. " (1) ومما يستأنس به لذلك صحيحة علي بن مهزيار المتقدمة، حيث إنه أقر السائل على ما نقله عن أبى عبد الله (عليه السلام) من تخصيص الوجوب بالتسعة والعفو عما سواها إنكاره على السائل لما راجعه في الأرز، ومع هذه قال له: الزكاة في كل ما كيل بالصاع، فلو لم يحمل كلامه على التقية للزم التناقض بين الكلامين، ولو كان الاستحباب مرادا لما خفي على أصحاب الأئمة المعاصرين لهم ولما احتاجوا إلى عرض هذه الأخبار على الإمام (عليه السلام)... " (2) وفي مصباح الفقيه بعد الإشارة إلى الوجوه الثلاثة للجمع قال ما محصله:
" وملخص الكلام أن الجمع بين الخبرين المتعارضين بحمل أحدهما على الاستحباب وإن كان في حد ذاته أقرب من الحمل على التقية الذي هو في الحقيقة بحكم الطرح، ولكنه في غير مثل المقام الذي يكون احتمال التقية فيه أقوى، فإن الحمل على التقية حينئذ أقرب إلى الواقع من الحمل على الاستحباب... فالذي ينبغي أن يقال: إن الأخبار المثبتة للزكاة في كل ما يكال ليست جميعها على نسق واحد، بل بعضها يعد في العرف معارضا للروايات الحاصرة للزكاة في التسعة، فهذا مما يتعين حمله على التقية مثل قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة: " وجعل رسول الله الصدقة في كل شيء أنبتت الأرض إلا الخضر والبقول "، فإنه ينافي التصريح بأن رسول الله لم يضع الزكاة على غير التسعة بل عفا عنها، وبعضها ليس كذلك فإنه قد يوجد فيها ما لا يراه العرف مناقضا لتلك الأخبار بل يجعل تلك الأخبار قرينة على حمل هذا البعض على مطلق الثبوت غير المنافي للاستحباب... فالإنصاف أن حمل الأخبار المثبتة للزكاة في سائر الأجناس بأسرها على التقية أشبه. اللهم إلا أن يقال: إن رجحان الصدقة بالذات وإمكان إرادة استحبابها بعنوان الزكاة من هذه الأخبار ولو على سبيل التورية مع اعتضاده بفهم الأصحاب وفتاويهم كاف في