عليها، على ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق: النصف أو الثلث أو الثلثين، وعلى قدر ما يكون لهم صلاحا ولا يضرهم. فإذا أخرج منها ما أخرج بدأ فأخرج منه العشر من الجميع مما سقت السماء أو سقي سيحا، نصف العشر مما سقي بالدوالي والنواضح، فأخذه الوالي فوجهه في الجهة التي وجهها الله على ثمانية أسهم...
ويؤخذ بعد ما بقي من العشر فيقسم بين الوالي وبين شركائه الذين هم عمال الأرض وأكرتها، فيدفع إليهم أنصباؤهم على ما صالحهم عليه. ويؤخذ الباقي فيكون بعد ذلك أرزاق أعوانه على دين الله وفي مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام وتقوية الذين في وجوه الجهاد وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة، ليس لنفسه من ذلك قليل لا كثير. " (1) أقول: العنوة: الخضوع والذل، ومنه قوله - تعالى -: " وعنت الوجوه للحي القيوم. " (2) والمراد كون الفتح بالقهر وإخضاع الطرف. وهذه المرسلة قد عمل بها الأصحاب في الأبواب المختلفة. وحماد من أصحاب الإجماع الذين أجمع الأصحاب على تصحيح ما يصح عنهم. والتعبير عن الشخص المبهم ببعض أصحابنا يشعر بنحو إجلال له، فلعل الرواية مع إرسالها لا تنقص عن رواية حسنة. والدلالة على المقصود واضحة.
وقوله (عليه السلام): " ليس لنفسه من ذلك قليل ولا كثير "، فالظاهر أنه لا يراد به إلا تأكيد كون الأرضين لجميع المسلمين وأنه تصرف عوائدها في مصالحهم، دفعا لتوهم كون بعضها ملكا لشخص الإمام. وعلى هذا فلا يدل على منع استفادة شخصه منها إذا فرض احتياجه إليها، حيث إن سد خلات الإمام وعائلته من أهم مصالح العامة.
ويشهد لذلك الروايات المستفيضة الدالة على أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صرف من عوائد خيبر في مصارف نفسه وأزواجه. وخيبر فتحت عنوة.
فمن هذه الروايات ما رواه أبو داود في السنن بسنده، عن بشير بن يسار: " أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أفاء الله عليه خيبر قسمها ستة وثلاثين سهما جمع: فعزل للمسلمين الشطر