أقول: قد مر منا في بحث خمس الغنائم الإشكال في وجوب الخمس في الأراضي المفتوحة عنوة، فراجع. ومعقد الإجماع المدعى هو أصل المسألة أعني عدم تقسيم الأراضي عندنا، كما يستفاد من سائر ما ذكره دليلا، لا مسألة الخمس فإنها ذكرت تطفلا.
3 - وقال في جهاد المبسوط:
" ظاهر المذهب أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فتح مكة عنوة بالسيف ثم آمنهم بعد ذلك، وإنما لم يقسم الأرضين والدور لأنها لجميع المسلمين، كما نقوله في كل ما يفتح عنوة إذا لم يمكن نقله إلى بلد الإسلام، فإنه يكون للمسلمين قاطبة. ومن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على رجال من المشركين فأطلقهم، وعندنا أن للإمام أن يفعل ذلك. وكذلك أموالهم من عليهم بها لما رآه من المصلحة.
وأما أرض السواد فهي الأرض المغنومة من الفرس التي فتحها عمر، وهي سواد العراق. فلما فتحت بعث عمر عمار بن ياسر أميرا، وابن مسعود قاضيا وواليا على بيت المال، وعثمان بن حنيف ماسحا فمسح عثمان الأرض. واختلفوا في مبلغها فقال البياجي (الساجي خ. ل): اثنان وثلاثون ألف ألف جريب. وقال أبو عبيدة:
ستة ثلاثون ألف ألف جريب. وهي ما بين عبادان والموصل طولا، وبين القادسية حلوان عرضا. ثم ضرب على كل جريب نخل ثمانية دراهم، والرطبة ستة، الشجر كذلك، والحنطة أربعة، والشعير درهمين. وكتب إلى عمر فأمضاه. وروي أن ارتفاعها كان في عهد عمر مأة وستين ألف ألف درهم، فلما كان في زمن الحجاج رجع إلى ثمانية عشر ألف ألف درهم، فلما ولي عمر بن عبد العزيز رجع إلى ثلاثين ألف ألف درهم في أول سنة، وفي الثانية بلغ ستين ألف ألف، فقال: لو عشت سنة أخرى لرددتها إلى ما كان في أيام عمر، فمات تلك السنة. وكذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) لما أفضي الأمر إليه أمضى ذلك، لأنه لم يمكنه أن يخالف ويحكم بما يجب عنده فيه.
والذي يقتضيه المذهب أن هذه الأراضي وغيرها من البلاد التي فتحت عنوة أن يكون خمسها لأهل الخمس وأربعة أخماسها يكون للمسلمين قاطبة: للغانمين وغير