" معنى كون هذه الأرض للمسلمين كونها معدة لمصالحهم العامة مثل بناء القناطر المساجد ونفقة الأئمة والقضاة والكتاب ومؤونة الغزاة وغيرها من المصالح العامة. والناظر عليها هو الإمام، فيوجرها ويأخذ قبالتها ويصرفها في المصالح حتى لا يحل للمستأجر حصة من الأرض والأجرة لأنه ليس مالكا بالحقيقة، بل هي أرض جعلها الله - تعالى - كالوقف على مصالح المستأجر وغيرها من المسلمين، لا أنها ملك للمسلمين على الشركة. " (1) وفي إحياء الموات من الكفاية:
" المراد بكونها للمسلمين أن الإمام يأخذ ارتفاعها ويصرفه في مصالحهم على حسب ما يراه، لا أن من شاء من المسلمين له التسلط عليها أو بعضها بلا خلاف في ذلك. " (2) أقول فظاهر هاتين العبارتين أن وزانها وزان الأرض الموقوفة للمصالح العامة. القول بأن خروجها عن ملك الكفار بالاغتنام يستلزم دخولها في ملك غيرهم إذ لا يتصور الملك بلا مالك ممنوع، لاحتمال كون اغتنامها موجبا لانفكاكها عن الملكية بالكلية. وهو أحد الاحتمالين في الوقف ولا سيما الأوقاف العامة.
ومفاد اللام هو الاختصاص وهو أعم من الملكية، فتأمل.
بل يمكن أن يقال إنها لو كانت ملكا للجهة لجاز للإمام تمليكها للشخص بتطبيق الجهة عليه كما في الزكاة، والظاهر عدم جوازه، فيتعين كونها نظير الوقف. والحق في الوقف أنه لا يصير ملكا للموقوف عليه، بل الواقف كأنه يجعله على رأس الموقوف عليه لتدر منافعه عليه كالسحابة الممطرة. ولذا يتعدى بعلى، فيكون باقيا على ملك الواقف أو يكون فكا للملكية. وللبحث فيه محل آخر.