وفي أواخر الخمس من الجواهر في المسألة الرابعة قال:
" بل لو لا وحشة الانفراد عن ظاهر اتفاق الأصحاب لأمكن دعوى ظهور الأخبار في أن الخمس جميعه للإمام (عليه السلام) وإن كان يجب عليه الإنفاق منه على الأصناف الثلاثة الذين هم عياله، ولذا لو زاد كان له (عليه السلام)، ولو نقص كان الإتمام عليه من نصيبه، حللوا منه من أرادوا. " (1) وعلى هذا فلا يبقى للتقسيم والتسهيم إلا خمس مغانم الحرب. وموضوعه منتف في أعصارنا.
ولا يخفى أن مغانم الحرب تمتاز عن سائر الأموال بوقوعها من أول الأمر في اختيار الرسول أو الإمام بسبب الظفر على العدو، وليست من قبيل الضرائب التي تؤخذ من الناس، فلعل رفع خلات بني هاشم منها دون الزكوات وسائر الضرائب المأخوذة من الناس كان لرفع التهمة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يتوهم الحدثاء في الإسلام أن إصراره (صلى الله عليه وآله وسلم) على أخذ الزكوات وسائر الضرائب يكون لتموين عائلته وعشيرته فحرمها لهم.
والتعبير بالأوساخ في الزكوات على فرض صحته أيضا كان لاشميزاز عائلته منها وعدم إصرارهم على الاستفادة منها، وإلا فأي فرق بين الزكوات وبين الأخماس المأخوذة من الناس؟ ولم صارت الأولى أوساخا دون الثانية؟
اللهم إلا إن يفرق بينهما بأن الزكوات تؤخذ من الناس مباشرة باسم الفقراء المساكين بداعي تطهير الناس كما يدل عليه قوله - تعالى -: " تطهرهم وتزكيهم بها. " (2) فلذلك سميت أوساخا، وأما الأخماس فجعلت أولا وبالذات بأجمعها لله - تعالى - كما بيناه، ومن ناحيته - تعالى - ينتقل إلى الرسول وذي القربى وذوي الحاجة من بنى هاشم بتبع انتقال الحكومة منه - تعالى - إلى الرسول وإلى ذي القربى. ففقراء الناس عيال للناس، وفقراء بني هاشم عيال الله ومن شؤون الإمامة والحكومة الإسلامية، وبين الاعتبارين فرق واضح، فتأمل.