الرابع عشر: صرف حصة الأصناف إليهم وجوبا أو استحبابا وحفظ نصيب الإمام إلى حين ظهوره، وجواز صرف العلماء إياه في المستحقين من الأصناف، وهو اختيار البيان.
فهذه أربعة عشر قولا في المسألة ذكرها في الحدائق.
وهنا قولان آخران للمتأخرين من أصحابنا:
الأول: صرف حصة الأصناف إليهم، والتصدق بحصة الإمام من قبله، لما يستفاد من أخبار التصدق بالمال المجهول مالكه من أن الملاك في وجوب التصدق هو عدم إمكان إيصال المال إلى صاحبه وإن كان يعرفه بشخصه كما في رواية يونس عن الرضا (عليه السلام) فيمن بقي عنده بعض المتاع من رفيق له بمكة بعد ما رحل إلى منزلة لا يعرف بلده فقال (عليه السلام): " إذا كان كذا فبعه وتصدق بثمنه. " (1) وقد قوى هذا القول في الجواهر مصباح الفقيه. (2) الثاني: صرف حصة الأصناف إليهم وصرف حصة الإمام فيما يعلم برضاه أو يوثق به من تتميم نصيب الذرية أو إعانة فقراء الشيعة أو إدارة الحوزات العلمية وكل ما فيه تشييد مباني الدين المبين.
بتقريب أن التصدق بالمال الذي لا يمكن إيصاله إلى صاحبه إنما يجوز إذا لم يعلم بما يرتضيه المالك، وأما إذا أحرز رضاه بالصرف في مصرف خاص ولم يحرز رضاه بغيره أو أحرز عدمه فلا يجوز التعدي عنه، فلو كان مال زيد عند عمرو مثلا ولم يمكنه إيصاله إليه ولكن كان لصاحب المال أهل بيت فقراء أو دار مشرفة إلى الخراب فهل يرضى صاحبه بأن يتصدق بماله ولا يصرف في عائلته أو تعمير داره؟ ونحن نعلم من سيرة الأئمة (عليهم السلام) في أعصارهم أن تتميم إعاشة الذرية وإعانة فقراء الشيعة وإقامة دعائم الدين وترويج الشرع المبين كانت من أهم الأمور عندهم، فالواجب علينا صرف مال الإمام (عليه السلام) فيما نعلم قطعا باهتمامه به. ويختلف ذلك باختلاف المقامات.