ولعل اصرار الإمام (عليه السلام) على التعبير بالسهام كان في مقام الإلزام والجدل، حيث إن الفتوى الرائج في عصر الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) وبعده كان فتوى أبي حنيفة، وهو كان قائلا بسقوط حق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وحق ذي القربى بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيقسم الخمس عنده ثلاثة أسهم للأصناف الثلاثة. وفقهاء السنة جمعيا كانوا يقولون بالتعليم في الأصناف الثلاثة لغير السادة أيضا. وقد أنتج ذلك حرمان أئمتنا (عليه السلام) والسادة الأطياب عن حقهم المشروع لهم. بل كان هذا مدار عمل الخلفاء بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما مر فيما حكيناه في نقل الأقوال عن خراج أبي يوسف (1)، فأراد أئمتنا (عليه السلام) إثبات حقهم بقدر الإمكان بظاهر الآية الشريفة على مذاق فقهاء السنة حيث حملوها على التقسيم والتسهيم.
والحاصل أن مقتضى الجمع بين ما دل على كون جميع الخمس حقا للإمام بما أنه إمام، وبين أخبار التقسيم هو حمل أخبار التقسيم على الجدل والإلزام أو نحو ذلك من المحامل، والالتزام بكون الخمس بأجمعه للإمام، وعلى هذا كان عمل أئمتنا (عليه السلام) فهم كانوا يطالبون الخمس بأجمعه جملة واحدة، وهكذا كان يصنع وكلاؤهم.
ويشهد لذلك نفس أخبار التقسيم أيضا، حيث دلت على أن الزائد عن مؤونة السنة للأصناف الثلاثة كان للإمام وكان يرجع إليه. وقد أفتى بهذا المضمون كثير من أصحابنا فينتفي ملكية الأصناف الثلاثة وثبوت التقسيم المتساوي قهرا، فتدبر.
والمفروض في مرسلة حماد وجود إمام مبسوط اليد ورجوع جميع الأخماس الزكوات وغير هما من الأموال الشرعية إليه، وحينئذ فيكفي في أعصارنا خمس بلد من البلاد الكبيرة كطهران مثلا لفقراء جميع السادة، فكيف يجعل نصف خمس ثروة العالم بكثرتها لهم.