فعلى مذاق القوم شرع نصف الخمس كملا مع كثرته موضوعا ومقدارا للفقراء من بني هاشم مع قلتهم جدا ولا يشركهم فيه غير هم، وشرع الزكاة مع قلتها جدا بالنسبة إلى الخمس موضوعا ومقدارا لأن تصرف في مصارف ثمانية منها جميع سبل الخير التي يستفيد منها الجميع حتى السادة ومنها جميع الفقراء حتى فقراء السادة بالنسبة إلى زكاة أموال السادة، فهل لا يعد هذا الجعل والتشريع ظلما وزورا مخالفا للعقل الحكمة، يوجد فيه التعادل والتناسب أصلا؟! ولا سيما مع ملاحظة ما في أخبار كثيرة من أن الله - تعالى - جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يسعهم ولو علم أن ذلك لا يسعهم لزادهم، حيث يستفاد من هذه الروايات أن الجعل والتشريع كان على حساب الحاجات والخلات.
وعلى هذا فيتعين ما قلناه من أن الخمس حق وحداني جعل لمنصب الإمامة الحكم وتحت اختيار الإمام، وأن له أن يصرفه في جميع ما يراه من مصالح نفسه ومصالح المسلمين، ومنها أيضا إدارة عيشة الفقراء، كما جعلت الزكاة وسائر الضرائب الإسلامية أيضا تحت اختياره، غاية الامر أنه يتعين عليه أن يمون فقراء بني هاشم من تلك الضربية المنسوبة إلى الإمامة والإمارة رفعا لشأنهم لأنهم من أهل بيت النبوة والإمامة، والمرأ يكرم في بيته وعائلته.
قال الإمام الخميني - مد ظله - في كتاب البيع من أبحاثه:
" وبالجملة من تدبر في مفاد الآية والروايات يظهر له أن الخمس بجميع سهامه من بيت المال، والوالي ولي التصرف فيه، ونظره متبع بحسب المصالح العامة للمسلمين، عليه إدارة معاش الطوائف الثلاث من السهم المقرر إرتزاقهم منه حسب ما يرى. كما أن أمر الزكوات بيده في عصره يجعل السهام في مصارفها حسب ما يرى من المصالح. هذا كله في السهمين. والظاهر أن الأنفال أيضا لم تكن ملكا لرسول الله والأئمة - صلوات الله عليهم أجمعين - بل لهم ملك التصرف، وبيانه يظهر مما تقدم. " (1) هذا.