لا؟ قال قوم: هو وصية لأنه يعتبر من الثلث، وقال آخرون: هو إسقاط وإبراء وليس بوصية لأن الوصية نقل ملك فيما يأتي والإبراء والعفو إسقاط في الحال فلهذا لم يكن العفو كالوصية، وعندنا أنه ليس بوصية وهل يعتبر من الثلث؟
لأصحابنا فيه روايتان قد مضتا.
فمن قال: عفوه كالوصية، فالحكم فيه كما لو كان بلفظ الوصية، وقد مضى، ومن قال: هو إبراء وليس بوصية، فعلى هذا صح الإبراء عما وجب له، وهو دية الأصابع ولم يصح فيما عداه، ولأنه إبراء عما لم يجب والإبراء عما لم يجب لا يصح.
فأما إن قال: عفوت عن الجناية وقودها وعقلها، ولم يقل: وما يحدث منها، قال بعضهم: لا قصاص في النفس لأنه عفا عن البعض فيسقط، وأما دية النفس فباقية بحالها لأنه ما أوصى بها ولا عفا.
وأما دية الإصبع وحدها ينظر فيه، فإن كانت بلفظ الوصية فهل تصح أو لا؟ فمن قال: الوصية للقاتل تصح، صح له دية الإصبع، ومن قال: لا تصح له، لم تصح دية الإصبع، فإن كان ذلك بلفظ العفو والإبراء فمن قال: هو كالوصية، فالحكم على ما مضى، ومن قال: إسقاط، صح الإبراء عن عقل الإصبع بكل حال، لأنه عفا عما وجب له عليه.
إذا جنى عبد على حر جناية يتعلق أرشها برقبته، كأنها موضحة فتعلق برقبته أرش موضحة، ثم إن المجني عليه أبرأ، ففيه ثلاث مسائل: إن أبرأ العبد فقال:
أبرأتك أيها العبد عنها، لم يصح لأنه أبرأ من لا حق له عليه، وإن أبرأ السيد برأ وسقط عن رقبة العبد، لأنها وإن كانت متعلقة برقبة العبد، فالعبد يعود على السيد فلهذا صح، وإن عفا مطلقا فقال: عفوت عن أرش هذه الجناية، صح وكان راجعا إلى سيده، وهذه وصية لغير القاتل فصحت.
وإذا قتل حر حرا خطأ لم يخل من أمرين: إما أن يثبت هذا عليه بالبينة أو باعترافه.