فمن قال: هذه هبة مجددة، كان كأنه قلع غير تلك السن، وليس للجاني مثلها فيسقط القصاص وله الدية، ومن قال: هذه تلك، قال: قد كان وجب للجاني عليه بعودها دية سنه، فلما عدا الجاني فقلعها وجب عليه بقلعها ديتها للمجني عليه، فقد وجب لكل واحد منهما على صاحبه دية سن فيتقاصان.
فإن كانت بحالها فعادت سن الجاني بعد القصاص دون سن المجني عليه، فعدا المجني عليه فقلعها بعد العود، فمن قال: هذه هبة مجددة، فقد قلع المجني عليه سنا بغير حقها فعليه ديتها، ومن قال: هذه تلك، فمن قال: له قلعها كلما نبت، قال: قد استوفى حقه، ومن قال: ليس له قلعها وإنما له الدية وكان على الجاني دية سنه، فلما قلع سن الجاني وجب للجاني عليه دية سنه فيه فتقاصا.
السن الزائدة ما خرجت عن سمت الأسنان وصف الأسنان إما خارجة عن الصف أو داخلة في جوف الفم، فإذا قلعها قالع لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون للجاني سن زائدة أو لا يكون، فإن لم يكن له سن زائدة فلا قصاص، وعليه حكومة لا يبلغ بها دية سن، وعندنا يجب فيها ثلث دية السن الأصلي، وإن كان للجاني سن زائدة، فإن كانت في غير محل المقلوعة فلا قصاص أيضا لأنا لا نأخذ عضوا في محل بعضو في محل آخر كما لا نأخذ السبابة بالوسطى، ويكون عليه ثلث دية السن الأصلي عندنا، وعندهم الحكومة، وإن كان للجاني سن زائدة في محلها كان المجني عليه بالخيار بين أن يقتص منه، وبين أن يعفو على مال وله ما ذكرناه، فإن اختار القصاص فلا فصل بين أن يكونا سواء أو أحدهما أكبر من الآخر لاشتراكهما في الاسم.
إذا وجب لرجل على غيره قود في نفس أو طرف لم يكن له أن يستوفيه منه بنفسه بغير سلطان، لأنه من فروض الأئمة، فإن خالف وبادر واستوفى حقه وقع موقعه ولا ضمان عليه، وعليه التعزير، وقال بعضهم: لا تعزير عليه، والأول أصح لأن للإمام حقا في استيفائه.
إذا وجب القصاص في يمين رجل فقال المجني عليه: أخرج يمينك