دية ما بعد الإصبع، وهو أربع أصابع أربعون من الإبل، ويكون الكف تبعا للأصابع وسواء قال: عفوت عن عقلها وقودها وما يحدث فيها، أو لم يقل: وما يحدث منها، لأن الحادث هاهنا وجوب دية ما بعد الإصبع، فهو عفو وإبراء عما لم يجب فلا يصح العفو عنه.
فأما إذا سرى إلى نفسه فالقود في النفس لا يجب لأنه عفا عن القود في الإصبع، وإذا سقط فيها سقط في الكل لأن القصاص لا يتبعض، وهذا القصاص يسقط عن النفس سواء قلنا: تصح الوصية من القاتل أو لا نقول، لأن القولين معا فيما كان مالا.
فأما القصاص فإنه يصح لأنه ليس بمال بدليل أنه قد يعفو عن القود من لا يصح أن يعفو عن المال، وهو المحجور عليه لسفه، فلو كان القصاص مالا ما صح عفو السفيه عنه، والذي رواه أصحابنا أنه إذا جنى عليه فعفا المجني عليه عنها ثم سرى إلى نفسه كان لأوليائه القود إذا ردوا دية ما عفا عنه على أولياء المقتص منه، فإن لم يردوا لم يكن لهم القود.
فأما دية النفس فلا يخلو: إما أن يقول: عفوت عنها وما يحدث من عقلها، أو لا يقول: عما يحدث من عقلها، فإن قال: وما يحدث منها من عقلها، لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون بلفظ الوصية أو بلفظ العفو والإبراء.
فإن كان بلفظ الوصية فهذه وصية لقاتل، وهل تصح الوصية له أم لا؟ قال قوم: لا تصح لقوله عليه السلام: ليس لقاتل شئ، وقال آخرون: تصح الوصية له لقوله عليه السلام: إن الله أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصيه لوارث، دل على أنها لغير وارث، وهذا غير وارث، والذي يقتضيه مذهبنا أنها تصح للقاتل لأنه لا مانع منه، فمن قال: لا تصح الوصية للقاتل، قال: تكون الدية ميراثا، ومن قال:
تصح، كانت الدية كلها له، إن خرجت من الثلث، وإن لم تخرج منه كان له منها بقدر الثلث.
وأما إن كان بلفظ العفو والإبراء، فهل الإبراء والعفو من المريض وصية أم