ويستوفي الجاني دية يمينه من عاقلة المجنون.
إذا قطع يدي رجل ورجليه فالظاهر أن عليه ديتين: دية في اليدين ودية في الرجلين، فإن مات بعد الاندمال استقرت الديتان على الجاني، وإن سرى القطع إلى نفسه فعليه دية واحدة، لأن أرش الجناية يدخل في بدل النفس.
فإذا ثبت هذا فقطع يدي رجل ورجليه، ثم مات المجني عليه ثم اختلفا، فقال الولي: مات بعد الاندمال فعليك أيها الجاني كمال الديتين، وقال الجاني:
مات بالسراية من القطع، وليس على إلا دية واحدة، قال بعضهم: القول قول الولي.
وصورة المسألة أن المجني عليه مات بعد القطع بمدة يمكن اندمال القطع فيها، فعلى هذا يكون القول قول الولي لأن الظاهر أنه قد وجب على الجاني ديتان بدليل أن للولي المطالبة بهما قبل الاندمال على قول بعضهم، فإذا كان الظاهر هذا احتمل أن يكون القول قول الجاني أنه ما اندمل، واحتمل أن يكون القول قول الولي أنه قد اندمل، فتقابلا، وكان الظاهر وجوب الديتين، فلا نسقطهما بأمر محتمل.
وإن كان بين الموت والقطع مدة لا يمكن الاندمال فيها، مثل أن يكون مات بعد يوم أو خمسة، فالقول قول الجاني هاهنا، لأن الظاهر معه، لأنه لا يمكن الاندمال في هذه المدة، ويكون القول قوله مع يمينه أنه مات من سراية القطع، لجواز أن يكون الموت بحادث غير القطع، مثل أن لدغته حية أو عقرب، هذا إذا اتفقا على المدة.
فأما إن اختلفا فيها، فقال الجاني: مات قبل أن تمضى مدة يندمل في مثلها، وقال الولي: بل مضت مدة يندمل في مثلها، فالقول قول الجاني لأن الأصل بقاء المدة حتى يعلم انقضاؤها، وبقاء الجناية والسراية حتى يعلم برؤها.
فإن كانت المسألة بالضد من هذا، فقطع يد رجل فمات المقطوع ثم اختلفا فقال الجاني: مات بعد الاندمال، فعلى نصف الدية، وقال الولي: بل قبل