الاندمال فعليك كمال الدية، لم يخل من أحد أمرين: إما أن تمضى مدة يندمل في مثلها، أو لا تمضى.
فإن كان هذا بعد مضى مدة يندمل في مثلها، فالقول قول الجاني لأن الظاهر معه، وهو أن الواجب نصف الدية، والولي يدعي دية كاملة، والأصل براءة ذمته، فكان القول قوله.
وإن كان قبل أن تمضى مدة يمكن الاندمال فيها، فالقول قول الولي لأن الظاهر معه، وأن الاندمال لم يحصل، فكان القول قول الولي لأن الأصل أنها ما مضت فالولي في هذه كالجاني في تلك.
فرع:
رجل قطع يدي رجل ورجليه واختلفا فقال القاطع: مات من السراية فعلى دية واحدة، وقال الولي: مات من غير سراية وهو أنه شرب سما فمات، أو قال:
قتل فعليك كمال الديتين، فليس بينهما هاهنا خلاف في مدة، وإنما الخلاف فيما مات المجني عليه منه، فمع كل واحد منهما ظاهر يدل على ما يدعيه: مع المجني عليه ظاهر لأن الأصل أنه ما شرب السم، ومع الولي ظاهر وهو أن الأصل وجوب الديتين على القاطع.
وقال بعضهم: يحتمل وجهين أحدهما: أن القول قول الولي كما إذا أوضحه موضحتين ثم انخرق ما بينهما وصارت واحدة، ثم اختلفا، فقال الجاني: انخرق ما بينهما بالسراية فعلى دية موضحة واحدة، وقال المجني عليه: أنا خرقت بينهما فعليك دية موضحتين، فالقول قول المجني عليه، ولا فصل بينهما.
ويحتمل أن يكون القول قول الجاني لأن الأصل أن المجني عليه ما شرب السم، فقد ثبت أن كل واحد منهما معه ظاهر يدل على ما يدعيه ويجري مجرى مسألة الملفوف في الكساء إذا قطعه قاطع بنصفين ثم اختلفا، فقال القاطع: كان ميتا حين القطع، وقال الولي: كان حيا حين القطع، فإنهم يقول بعضهم: القول