عوضا عنها، فكان القصاص باقيا في يمينه فعليه القصاص في يمينه، وله دية يساره، غير أن المقتص ليس له قطع اليمين في الحال حتى ينظر ما يكون من قطع اليسار لما قلناه في المسألة قبلها.
فإذا توقف فإما أن يندمل أو يسري، فإن اندملت اليسار فقد استقر على المقتص دية اليسار، وله قطع اليمين، فإن استوفاها قصاصا فعليه أن يدفع دية اليسار، وإن عفا عن اليمين وجب له دية اليمين، وعليه دية اليسار فيتقاصان.
وإن سرى قطع اليسار إلى النفس فعليه ضمان على النفس، لأنها سراية عن قطع مضمون سرى إلى النفس وهي مضمونة، فكان عليها ديتها، فعليه دية نفس يدخل فيها ضمان الطرف، وله من هذه النفس قطع يمينها، وقد فات بغير اختياره فيكون له دية اليمين، وهو نصف الدية، وعليه دية النفس فيتقاصان بالنصف، ويفضل له عليه نصف الدية يستوفى منه.
وقال بعضهم: إذا قطع يساره فسرى إلى نفسه كان المستوفي ليمينه قصاصا فيسقط حقه منها، ويكون عليه كمال الدية، كمن وجب له قطع يد رجل فقطعه ثم عاد فقتله، فإن عليه كمال الدية كذلك هاهنا، هذا إذا اتفقا من غير اختلاف.
فأما إن قطع يساره ثم اختلفا فقال الباذل: بذلتها لتكون بدلا عن يميني، فلي ديتها، وقال القاطع المقتص: بل بذلتها مع العلم بأنها لا تكون بدلا عن يمينك فهدرت، فالقول قول الباذل لأن الاختلاف في نيته وإرادته وهو أعلم بها، فإن حلف ثبت أنه بذلها على سبيل العوض، فيكون الحكم على ما مضى، فإن نكل رددنا اليمين على المقتص يحلف ما بذلها إلا وهو يعلم أنها لا تكون بدلا عن اليمين، فإذا حلف كانت هدرا، وبقى له القصاص في يمينه، هذا إذا اختلفا.
فأما إن اتفقا على قطعها باليمين، مثل أن تراضيا به فقطعت على هذا لم يكن بدلا عن يمينه، لأن ما لا يقع قصاصا عن الشئ، لم يقع قصاصا عنه بالتراضي، كما لو قتل عبده عبدا لرجل فقال له السيد: اقتلني بعبدك أو اقتل عبدي الآخر