فموضع الدلالة أن النبي عليه السلام قال: كتاب الله القصاص، وليس في الكتاب السن بالسن إلا هذا، فثبت بالدليل بذلك أنه شرع لنا.
وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، أو زنا بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس، وروي عن أبو شريح الكعبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:... ثم أنتم يا خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل وأنا والله عاقلته، فمن قتل بعده قتيلا فأهله بين خيرتين، إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا قبلوا الدية.
كل شخصين تكافأ دماءهما واستوت حرمتهما، جرى القصاص بينهما، والتكافؤ في الدماء والتساوي في الحرمة أن يحد كل واحد منهما بقذف صاحبه، فإذا تكافأ الدمان قتل كل واحد منهما بصاحبه، فيقتل الحر بالحر والحرة بالحرة، والحر بالحرة إذا ردوا فاضل الدية عندنا، وعندهم لا يرد، والحرة بالحر بلا خلاف، والعبد بالعبد، والأمة بالأمة، والأمة بالعبد، والعبد بالأمة، واليهودي بالنصراني، والمجوسي باليهودي والنصراني بالمجوسي، فالشرك كله ملة واحدة، ولهذا توارثوا كلهم بعضهم من بعض.
إذا قتل مسلم كافرا لم يقتل به سواء كان معاهدا أو مستأمنا أو حربيا، فالمعاهد هو الذمي، والمستأمن من دخل إلينا بأمان في رسالة أو حاجة من تجارة ونحوها، والحربي من كان مباينا مقاطعا في دار الحرب وفيه خلاف، فإذا ثبت أنه لا قود عليه فعليه التعزير وعليه الدية والكفارة.
فأما إن قتل كافر كافرا ثم أسلم القاتل قبل القود، أو جرح كافر كافرا ثم أسلم الجارح ومات المجروح، فإنه يستوفى منه حال إسلامه ما وجب عليه حال كفره عند الجماعة، وقال الأوزاعي: لا يقتل به، وهو الصحيح عندي لعموم الأخبار.
حكى الساجي حكاية في قتل المؤمن بالكافر، فقال: حدثنا موسى بن إسحاق الأنصاري قال: حدثنا علي بن عمروس الأنصاري قال: تقدم إلى أبي