أقبل بينة الداخل إذا لم تفد إلا ما يفيد يده، وهذه قد أفادت أكثر مما يفيده وهو إثبات الملك له منذ شهر، واليد لا تفعل ذلك.
بائع ومشتريان إذا تنازعا دارا فقال أحدهما: هذه الدار لي اشتريتها من خالد ابن عبد الله بمائة، وقال الآخر: أنا اشتريتها منه بمائة ونقدته الثمن، وأقام كل واحد منهما بينة بما يدعيه، فهما في الظاهر متعارضتان، لأن كل واحد منهما يدعي في الحال أنها ملكه، وأما في الشراء فلا تعارض بينهما لأنه يحتمل أن يكون أحدهما اشتراها منه ثم ملكها البائع ثم باعها من الآخر، فالتعارض من حيث المنازعة في ملكها في الحال، فأما في سبب الملك فلا تعارض.
فإذا ثبت هذا لم تخل البينتان من أحد أمرين: إما أن تكونا مؤرختين بتأريخين مختلفين أو غير ذلك.
فإن كانتا بتأريخين مختلفين شهدت إحديهما أنه اشتراها منه في شعبان، وشهدت الأخرى أنه اشتراها في رمضان، كانت بينة شعبان أولى، لأن ملكه قد زال عنها في شعبان، فكان بيعه في رمضان باطلا لأنه باع ملك غيره فيقضي بها له، ويكون للآخر عليه اليمين.
وأما إن لم تكونا بتأريخين مختلفين، فلا فصل بين أن تكونا مطلقتين أو إحديهما مطلقة والأخرى مؤرخة أو كانتا بتأريخين متفقين في زمان واحد، فالحكم في هذا الفصل واحد، فلا يخلو الدار من أحد أمرين: إما أن يكون في يد أحدهما أو يكون في يد البائع.
فإن كانت يد أحدهما عليه فصاحب اليد أولى لأنهما متعارضتان، ومع أحدهما يد، كما لو تنازعا دارا مطلقا ويد أحدهما عليها، وأقام كل واحد منهما بينة فإن البينة بينة الداخل.
وإن كانت الدار في يد البائع نظرت: فإن اعترف البائع لأحدهما بما يدعيه فقال له: بعتك، فهل يقدم بذلك بينة المقر له أم لا؟ قال قوم: يقدم بينة بذلك لأن البائع يقول للمقر له: الدار لك ويدي عليها نائبة عنك، فإذا كانت نائبة عنه كان يد