مجمعا على تحريمها، فمن فعل ذلك أو استمع إليه عمدا ردت شهادته.
وأما المباح فالدف عند النكاح والختان، لما روى ابن مسعود أن النبي عليه السلام قال: أعلنوا النكاح، واضربوا عليها بالغربال - يعني الدف - وروي أنه عليه السلام قال: فصل ما بين الحلال والحرام الضرب بالدف عند النكاح، وعندنا أن ذلك مكروه غير أنه لا ترد به شهادته، فأما في غير الختان والعرس فمحرم.
وأما الحداء وهو الشعر الذي تحث به العرب الإبل على الإسراع في السير، فهو مباح وهو ممدود لأنه من الأصوات كالدعاء والنداء والثغاء والرغاء، وفيه لغتان " حداء وحداء " والضم أقيس لأن أوائل الأصوات مضمومة كالدعاء والثغاء والخوار، والكسر جائز كالغناء والنداء، وإنما قلنا إنه مباح لما رواه ابن مسعود قال: كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة نام في الوادي حاديان، وروي عن عائشة أنها قالت: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر وكان عبد الله بن رواحة جيد الحداء وكان مع الرجال، وأنجشة مع النساء فقال النبي صلى الله عليه وآله لعبد الله ابن رواحة: حرك بالقوم، فاندفع يرتجز فتبعه أنجشة فاعتنقت الإبل فقال عليه السلام لأنجشة: رويدك رفقا بالقوارير، يعني النساء.
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله كان في سفر فأدرك ركبا من تميم معهم حاد، فأمره بأن يحدو وقال: إن حادينا نام آخر الليل، فقالوا: يا رسول الله نحن أول العرب حداء بالإبل، قال: وكيف؟ قالوا: كانت العرب تغير بعضها على بعض فأغار رجل منا على إبل فاستاقها فتبددت الإبل، فغضب على غلامه فضربه بالعصا فأصابت يده، فنادى وا يداه وا يداه فجعلت الإبل تجتمع، فقال له: هكذا فقل - يعني قل وا يداه - فقال، والنبي يضحك، فقال: من أنتم؟ قالوا: من مضر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ونحن من مضر، فكيف كنتم أول العرب؟ فانتسب رسول الله صلى الله عليه وآله تلك الليلة حتى بلغ بالنسب إلى مضر، وضحك النبي عليه السلام من قولهم نحن أول العرب حداء، ثم قالوا: نحن من مضر، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ونحن أيضا من مضر فكيف كنتم أول العرب حداء؟