فأما من قرأ بالألحان نظرت: فإن كان يبين الحروف ولا يدغم بعضها في بعض فهو مستحب وإن كان يدغم بعض الحروف في بعض ولا يفهم ما يقول، كره ذلك.
إذا أحب الرجل قومه وعشيرته فهو من المندوبات إليها والمرغوب فيها، لقوله عليه السلام: تهادوا تحابوا، فأمر بذلك، وقال عليه السلام: لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا وروي أنه عليه السلام آخى بين أصحابه، وقوله تعالى " إنما المؤمنون إخوة " دليل عليه.
فأما العصبية فإن يبغض الرجل لأنه من بني فلان فهذا ممنوع منه، فإذا حصل هذا في نفسه فإن أبغضه بقلبه وأضمرها ولم يشتهر بها فلا شئ عليه ولا يرد شهادته وإن تظاهر بها ودعا إليها وتألف عليها ولم يكن منه سب ولا قول الفحش فيهم فهو عدو لهم ترد شهادته عليهم، فإن ذكر فحشا ووقع في السب فهو فاسق مردود الشهادة في حق كل أحد، لأنه أتى ما أجمع المسلمون على تحريمه.
إذا أنشأ الرجل شعرا وأنشده نظرت: فإن لم يكن فيه هجو ولا فحش ولا كذب كان مباحا على كراهية فيه عندنا، وقد مضى لقوله عليه السلام: إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحرا ثبت أنه مباح وقوله تعالى " والشعراء يتبعهم الغاوون " المراد به من يكذب منهم لقوله جلت عظمته " ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون " فأما غيرهم فلا بأس عليهم، لقوله تعالى " إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ".
فإذا ثبت هذا فإن كان كذلك لا ينتقص المسلمون ولا يؤذيهم، وإذا مدح لم يكذب لم ترد شهادته، وإن كان يمدح الناس ويأخذ على المدح ويكثر الكذب فيه، فإذا منعوه ذكر الوقيعة فيهم وكذلك إذا غضب وقع فيهم، وكان ذلك علانية ظاهرا كذبا محضا، ردت شهادته، وإن تشبب بامرأة ووصفها في شعره نظرت: فإن كانت ممن لا يحل له وطؤها ردت شهادته، وإن كانت ممن تحل له كالزوجة والأمة كره ولم ترد شهادته، وإن تشبب بامرأة مبهما ولم تعرف كره ولم ترد شهادته لجواز أن تكون ممن تحل له، والشاعر المستهتر أن يقذفها بنفسه فيقول: فعلت بها كذا، ولم