فأما الكلام في الشعر فهو مباح أيضا، ما لم يكن فيه هجو ولا فحش، ولا تشبيب بامرأة لا يعرفها، ولا كثرة الكذب على كراهية رواها أصحابنا في ذلك.
روى عمرو بن الشريد عن أبيه قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شئ؟ قال: قلت، نعم، قال: هيه، قال:
فأنشدته بيتا، فقال: هيه، فأنشدته حتى بلغت مائة بيت - هيه معناه الحث والاستزادة، وأصله إيه فقلبت الهمزة هاء فقيل هيه، وإذا وقفت قل هيه من غير تنوين، فإذا وصلت قلت إيه حديثا وإذا كففت وزجرت قلت إيها، وإذا تعجبت قلت واها - فهي أربع كلمات: إيه استزادة، وإيها كف وزجر، وويها إغراء، وواها تعجب.
وروى جابر بن سمرة قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر من مائة مرة وكان أصحابه ينشدون الأشعار ويذكرون أخبار الجاهلية قديما.
وروي أن النبي عليه السلام أنشد بيت طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك من لم تزود بالأخبار فقال بعض الحاضرين الشعر: ويأتيك بالأخبار من لم تزود، فقال: ما لي والشعر؟ وما للشعر ولي؟ فالنبي عليه وآله السلام ما أنكر على القائل إنشاد الشعر.
فإذا ثبت أنه مباح فقد روي كثير مما سمعه النبي عليه السلام ولم ينكره، فمن ذلك ما روي أن النبي عليه السلام لما هاجر إلى المدينة استقبله فتيان المدينة و أنشدوا:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع ومر رسول الله صلى الله عليه وآله ببعض أزقة المدينة فسمع جواري لبني النجار ينشدون:
نحن جوار من بني النجار يا حبذا محمد من جار فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وأنا أحبكن.