الثانية: إذا اتخذ الرجل غلاما أو جارية مغنيين، فإن كان يجتمع عليهما ويغشاهما الناس فهذا سفه ترد به شهادته، وهو في الجارية أكثر، لأن فيه سفها ودناءة، وإن كان لا يجتمع عليهما ولا يغشاهما الناس كره ذلك له، ولم ترد شهادته، لأنه لم تسقط مروءته.
الثالثة: إذا كان يغشى بيوت الغناء ويغشاه المغنون للسماع منه، فإن كان في خفية لم ترد شهادته، وإن كان ذلك منه مستعلنا به ظاهرا فإن قل ذلك منه لم ترد به شهادته وإن كان ذلك منه كثيرا ردت شهادته، لأنه سفه وترك مروءة.
وجملته عندهم أن الأصوات على ثلاثة أضرب: مكروه ومحرم ومباح.
فالمكروه صوت المغني والقصب معا، لأنه وإن كان بآلة فهو تابع للصوت والغناء، فلهذا كان مكروها، وهو عندنا حرام من الفاعل والمستمع ترد به شهادتهما.
وأما المحرم وهو صوت الأوتار والنايات والمزامير كلها، فالأوتار العود والطنابير والمعزفة والرباب فالنايات والمزامير معروفة، وعندنا كذلك محرم ترد شهادة الفاعل والمستمع.
روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والمرز والكوبة والقنين - فالمرز شراب الذرة، والكوبة الطبل، والقنين البربط -، والتفسير في الخبر.
وروى محمد بن علي المعروف بابن الحنيفة عن علي عليه السلام أن النبي عليه وآله السلام قال: إذا كان في أمتي خمس عشرة خصلة حل بهم البلاء: إذا اتخذوا الغنيمة دولة والأمانة مغنما، والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته، وجفا أباه، وعق أمه، ولبسوا الحرير، وشربوا الخمر، واشتروا المغنيات والمعازف، وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل السوء خوفا منه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وسب آخر هذه الأمة أولها، وفي بعضها ولعن آخر هذه الأمة أولها، فعند ذلك يرقبون ثلاثا: ريحا حمراء وخسفا ومسخا.
فإذا ثبت أن استماعه محرم إجماعا فمن استمع إلى ذلك فقد ارتكب معصية