من تمر وغيره قبل أن يسكر فكله حلال، ولا يكره شربه، وأما الخليطان والمنصف فقد كره شربهما قوم، - والمنصف ما عمل من تمر ورطب، والخليطان ما عمل من بسر ورطب -، لما روي عن النبي أنه نهى عن المنصف والخليطين، وعندي لا كراهية في ذلك ما لم يكن مسكرا.
قد بينا أن سائر أنواع القمار من النرد والأربعة عشر حكمه حكم الشطرنج يفسق به وترد به شهادته، والأربعة عشر تسمى " الجرة " - وهي قطعة من خشب يحفر فيها ثلاثة أسطر فيجعل في تلك الحفر شئ من الحصى الصغار ونحوها يلعبون بها " والقرق " وقال أهل اللغة: هي القرقة، ويقال لها بالفارسية " سدرة " - وهي دائرة مربعة يخط فيها خطان كان كالصليب ويجعل على رؤوس الخط حصى يلعبون بها -.
الغناء من الصوت ممدود، ومن المال مقصور كما أن الهواء من الجو ممدود و من النفس مقصور، فإذا ثبت هذا فالغناء عندنا محرم يفسق فاعله، وترد شهادته، وقال بعضهم: هو مكروه، فأما ثمن المغنيات فليس بحرام إجماعا لأنها تصلح لغير الغناء من الاستمتاع بها وخدمتها، ومن قال: الغناء مباح، استدل بما روي عن عائشة أنها قالت: كانت عندي جاريتان تغنيان فدخل أبو بكر فقال: من قرر الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال النبي عليه السلام: دعها فإنها أيام عيد، وقال عمر: الغناء زاد الراكب، وكان لعثمان جاريتان تغنيان من الليل، فإذا جاء وقت السحر قال: أمسكا فهذا وقت الاستغفار، قالوا: وهذا كله محمول على نشيد الأعراب مثل الحداء وغير ذلك، وعندنا أن هذه أخبار آحاد لا يلتفت إليها وفعل من لا يجب اتباعه، وقد قلنا: إن عندنا ترد به شهادته.
وقال بعضهم فيها ثلاث مسائل:
أحدها: إذا اتخذ الغناء صناعة يؤتى عليه ويأتي له، ويكون منسوبا إليه مشهورا به - والمرأة كذلك -، ردت شهادتهما، لأنه سفه وسقوط مروءة، ولو كان لا ينسب نفسه إليه وإنما يعرف أنه يطرب في الحال فيترنم فيها ولا يؤتى لذلك ولا يأتي له ولا يرضى به لم تسقط شهادته وكذلك المرأة.