يقبل ذلك ولا يحكم بحريته بإقراره.
كل من يجر بشهادته نفعا إلى نفسه أو يدفع ضررا عنها، فإن شهادته لا تقبل، فالجار إلى نفسه هو أن يشهد الغرماء للمفلس المحجور عليه أو يشهد السيد لعبده المأذون له في التجارة، والوصي بمال الموصي، والوكيل بمال الموكل والشريك، والدافع عن نفسه هو أن تقوم البينة على رجل بقتل الخطأ فشهد اثنان من عاقلة الجاني فجرح الشهود أو قامت البينة بمال على الموكل وعلى الموصي فشهد الوكيل والوصي بجرح الشهود، فلا تقبل الشهادة في هذه المواضع وما شاكلها، لقوله عليه السلام: لا يجوز شهادة خصم ولا ظنين - وهو المتهم -، وهؤلاء متهمون.
لا تقبل شهادة عدو على عدوه، والعداوة ضربان: دينية ودنيوية.
فالدينية لا ترد بها الشهادة مثل عداوة المسلم للمشركين، لا ترد بها شهادتهم، لأنها عداوة في الدين وهي طاعة وقربة بل هي واجبة، وهكذا عداوة الكفار للمسلمين لا ترد شهادتهم بها إنما ترد لفسقهم وكفرهم لا للعداوة، ألا ترى أنا نرد شهادتهم بعضهم على بعض ولبعض وإن لم يكن هناك عداوة، وهكذا شهادة أهل الحق لأهل الأهواء تقبل لأنهم يعادونهم في الدين.
وأما العداوة الدنيوية فإنها ترد بها الشهادة عند قوم، مثل أن يقذف رجل رجلا ثم يشهد المقذوف على القاذف، أو ادعى رجل أن فلانا قطع عليه وعلى رفيقه الطريق ثم شهد عليه فإن شهادته لا تقبل، وهكذا إذا شهد الزوج على زوجته بالزنى، فإن شهادته لا تقبل، وما أشبه هذه من المواضع التي تعلم بحكم العادة أنه يحصل فيها تهمة للشاهد.
وقال قوم: العداوة لا ترد بها الشهادة بحال، والأول أقوى عندنا، وأما شهادة العدو لعدوه فإنها تقبل لأن التهمة معدومة كما لو شهد الوالد على ولده.
شهادة الوالد لولده وولد ولده وإن نزلوا، عندنا تقبل، وعندهم لا تقبل، وكذلك شهادة الولد لوالده وجده وجداته وإن علوا، تقبل عندنا وعندهم لا تقبل لأجل التهمة، فأما إن شهد الولد على والده فعندنا لا تقبل بحال وعندهم إن شهد