ثبت أن اليد لا تدل على ملك، ولا يكون ملكا.
فأما إن كانت المدة قصيرة كالشهر والشهرين ونحو ذلك، فإنه لا يشهد له بالملك لأن الزمان قصير على هذه الصورة يتفق كثيرا، فلا يدل على ملك، ويفارق هذا الزمان الطويل لأنه في العرف أنه في ملك.
فأما الشهادة باليد فلا شبهة في جوازها، وقال بعضهم: يشهد له بالملك وقال: لأنه لما صح أن يشهد على بيع ما في يده صح أن يشهد له بالملك، وروى أصحابنا أنه يجوز له أن يشهد بالملك كما يجوز له أن يشتريه ثم يدعيه ملكا له.
وأما ما يحتاج إلى سماع وإلى مشاهدة، فهو كالشهادة على العقود كالبيع والصرف والسلم والصلح والإجارات والنكاح ونحو ذلك، لا بد فيها من مشاهدة المتعاقدين، وسماع كلام العقد منهما، لأنه لا يمكن تحمل الشهادة قطعا إلا كذلك، فإنه يزيد على الأفعال، فإنه يفتقر إلى سماع كلام العقد، فإن عرفهما بأعيانهما وأسمائهما وأنسابهما أو لا يعرفهما بذلك فاستفاض عنده نسبهما بعدلين وأكثر صح أن يشهد عليهما حاضرين وغائبين - إن حضرا بالمشاهدة وإن غابا بالاسم والنسب - وإن عرفهما بأعيانهما دون الاسم والنسب جاز أداؤها حاضرين ولا يجوز إذا كانا غائبين لأنه لا يعرف عين الغير.
فأما النكاح والوقف والولاء والعتق فهل يصح تحملها بالاستفاضة كالملك المطلق والنسب؟ قال قوم: تثبت كلها بالاستفاضة، لأن في أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم خديجة وعائشة ثبتت الزوجية لهما بالاستفاضة، فكذلك هاهنا ولأن الوقف يبني على التأبيد فلا يبقى من يشهد به من الواقف، فبنى حاجة إلى الشهادة به بالاستفاضة وإلا بطلت الوقوف وهذا الذي يقتضيه مذهبنا.
وقال قوم: لا يثبت، وقالوا إنما تثبت أزواج النبي صلى الله عليه وآله بالتواتر فما شهد بالاستفاضة والتواتر يوجب العلم فهو كالشهادة بأن في الدنيا مكة، وهذا صحيح، وأما الوقوف فإن الحاكم يجدد كتبها كلما مضت مدة تفانى فيها الشهود، فإنه يثبت بالشهادة على الشهادة فلا يخاف بطلان الوقف، وهذا لا يصح على