الحد، وبان أنه لم يكن قاذفا ولا حد عليه ولا ترد شهادته ولا يفسق.
وأما إن لم يحقق قذفه، فقد تعلق بقذفه ثلاثة أحكام: وجوب الجلد، ورد الشهادة والتفسيق لقوله " والذين يرمون المحصنات " إلى قوله " وأولئك هم الفاسقون ".
فإن تاب القاذف لم يسقط الجلد بالتوبة، وزال فسقه بمجرد التوبة بلا خلاف، وهل تسقط شهادته فلا تقبل أبدا أم لا؟ فعندنا وعند جماعة لا تسقط بل تقبل بعد ذلك، وعند قوم لا تقبل، وأما كيفية التوبة فجملتها أنه إذا قذفه تعلق بقذفه ثلاثة أحكام: الجلد، ورد الشهادة، والفسق الذي يزول به ولايته على الأطفال والأموال ويرد به شهادته.
ثم لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يحقق قذفه أو لا يحققه.
فإن حقق القذف إما بالبينة أو باعتراف المقذوف إن كان غير زوجته أو بهما أو باللعان إن كانت زوجته، فمتى حقق القذف فلا جلد عليه، وهو على العدالة والشهادة، لأنه قد صح قذفه وثبت صحة قوله، وأما المقذوف فقد ثبت زناه بالبينة أو اللعان أو الاعتراف فيقام عليه الحد.
وأما إن لم يحققه فالحد واجب عليه، ورد الشهادة قائم، والفسق بحاله.
والكلام بعد هذا فيما يزيل ذلك عنه، أما الحد فلا يزول عنه إلا بأحد أمرين:
استيفاء أو إبراء، وأما الفسق والشهادة فهما يتعلقان بالتوبة، والتوبة باطنة وحكمية.
والباطنة توبته فيما بينه وبين الله وهي تختلف باختلاف المعصية.
وجملته أن المعصية لا تخلو من أحد أمرين: إما أن يجب بها حق، أو لا يجب.
فإن لم يجب بها حق مثل أن قبل أجنبية أو لمسها بشهوة أو وطئها فيما دون الفرج فتوبته هاهنا الندم على ما كان والعزم على أن لا يعود، فإذا فعل هذا فقد تاب لقوله تعالى: " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم