مذهبنا لأن الشهادة على الشهادة لا تجوز عندنا، وإنما يجوز دفعة واحدة، فعلى هذا يؤدي إلى بطلان الوقف.
فمن قال: لا يثبت بالاستفاضة، فلا كلام، ومن قال: يثبت بالاستفاضة، فإنما يشهد ويقول: هذه زوجة فلان، ولا يشهد بالعقد، ويقول: هذا وقف فلان، ولا يشهد بالعقد، وكذلك الولاء والعتق على هذا التفصيل.
وليس لأحد أن يقول أن الشهادة بالاستفاضة ليست شهادة بعلم، وقد قلتم: لا يجوز أن يشهد إلا بما يعلم قلنا: إنما أردنا في هذا القسم غالب الظن دون القطع الذي يحصل مع المشاهدة.
وأما ما يتحمل الشهادة عليه بالمشاهدة - وهي الأفعال - فإن الأعمى لا يتحمل الشهادة عليها لأنها تتحمل بالمشاهدة ولا مشاهدة للأعمى وهو إجماع.
وأما ما يتحمل الشهادة فيه بالسماع - وهو النسب والموت والملك المطلق - فإن الأعمى يشهد بها لأنها لا تفتقر إلى سماع من غير مشاهدة، وقال قوم: لا تقبل شهادته.
وأما ما يفتقر إلى سماع ومشاهدة - وهي شهادة العقود كلها - فإن شهادة الأعمى لا تصح فيها كالبيوع والصرف والسلم والإجارة والهبة والنكاح ونحو ذلك وفي هذا المعنى الشهادة على الإقرار وفيه خلاف، والذي يقتضيه مذهبنا أنه تقبل شهادته إذا كانت حاسة سمعه صحيحة وحصل له العلم بغير المشاهدة.
وأما الكلام في فروع شهادة الأعمى فجملته أنه إذا تحمل الشهادة على الأفعال أو العقود وهو صحيح ثم عمي، فإن كان تحملها على الأعيان مثل أن شهد على عين إنسان بذلك وهو لا يعرف اسمه ونسبه لم يجز له الأداء لأنه لا يقدر أن يؤديها على تلك العين، وإن كان شهد بحملها على الاسم والنسب جاز أن يؤديها على ذلك بعد العمى.
وهكذا إذا كانت يده في يدي رجل وهو يبصر فعمي ويده في يده وهو عارف باسمه ونسبه صح أن يتحمل الشهادة عليه وهو أعمى، بأن يقرب فاه من أذن