ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم " فإذا أتى بالاستغفار وترك الإصرار صحت توبته وغفر الله ذنبه.
وأما إن كانت المعصية مما يجب بها حق لم تخل من أحد أمرين: فإما أن يكون حقا على البدن أو في مال.
فإن كانت في مال كالغصب والسرقة والإتلاف، فتوبته الندم على ما كان، والعزم على أن لا يعود، والخروج من المظلمة بحسب الإمكان فإن كان موسرا بها متمكنا من دفعها إلى مستحقها خرج إليه منها، فإن كانت قائمة ردها وإن كانت تالفة رد مثلها إن كان لها مثل وقيمتها إن لم يكن لها مثل، وإن كان قادرا غير أنه لا يتمكن من المستحق لجهله به أو كان عارفا غير أنه لا يقدر على الخروج إليه منها فالتوبة بحسب القدرة، وهو العزم على أنه متى تمكن من ذلك فعل، وكذلك إذا منع الزكاة مع القدرة عليها فهي كالدين والمظالم وقد بيناه، هذا إذا كانت المعصية حقا في مال.
فأما إن كانت المعصية حقا على البدن، لم تخل من أحد أمرين: إما أن يكون لله أو للآدميين.
فإن كان للآدميين وهو القصاص وحد القذف، فالتوبة الندم على ما كان والعزم على أن لا يعود، والتمكين من الاستيفاء من حد أو قصاص كالأموال سواء.
وأما إن كان حقا لله كحد الزنى والسرقة وشرب الخمر لم يخل من أحد أمرين:
إما أن يكون مشتهرا أو مكتوما.
فإن كان مكتوما لا يعلم به الناس ولم يشتهر ذلك عليه، فالتوبة الندم على ما كان، والعزم على أن لا يعود، والمستحب له أن يستر على نفسه ويكون على الكتمان لقوله عليه السلام: من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستره بستر الله فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه حد الله، وقال صلى الله عليه وآله لهزال بن شرحبيل حين أشار إلى ماعز بن مالك أن يعترف بالزنى: هلا سترته بثوبك يا هزال؟
فإن خالف وجاء واعترف بذلك لم يحرم ذلك عليه لما روي أن العامرية