الأعمى فيقر بحق فيتحمل الشهادة عليه وهو أعمى ويؤديها وهو أعمى، وكذلك شهادة المضبوط وهو أن يمسك برأس رجل ويقرب فاه إلى أذنه فيقر بحق فلا يفارقه حتى يأتي به الحاكم فيقول له: هذا أقر لفلان بكذا وكذا، وكذلك يقبل في الترجمة إذا كان حاضرا عنده فتخاصم إليه نفسان لا يعرف لغتهما فإنه يترجم عند الحاكم والترجمة شهادة، فهذه أربع مسائل تقبل شهادته فيها.
وأما النسب والموت والملك المطلق، فقال قوم: يصح أن يتحمل الشهادة وهو أعمى ويؤديها وهو أعمى، لأن الاعتماد فيها على السماع والأعمى يسمع، وقال بعضهم: هذا غلط، لأنه وإن كان التحمل بالاستفاضة والاستفاضة تثبت بالسماع لكنه إذا سمع لا يدري هل سمع من ثقة أو من غير ثقة أو من مسلم أو من غير مسلم؟ والأول أقوى عندي لأنه قد يعرف الثقة والإسلام من غير مشاهدة.
تخرج من هذا أن الأعمى يصح منه التحمل والأداء وهو أعمى، ويصح منه الأداء دون التحمل وهو ما ذكرناه فقد صحت شهادة الأعمى في الجملة، وقال جماعة: لا يصح منه التحمل ولا الأداء بحال.
وأما الأخرس فيصح منه التحمل بلا خلاف، لأنه يفتقر إلى العلم دون النطق، فأما الأداء فقال قوم: لا يصح، وقال آخرون: تصح شهادته، وهو الذي يقتضيه مذهبنا.
فإذا ثبت هذا فكل جهة صح أن يتحمل الشهادة بها صح أن يحلف عليها، فإذا شاهد قاتل أبيه صح أن يحلف عليه، وإذا شاهد ولده باع ثم مات الولد صح أن يحلف عليه، وكذلك النسب والموت والملك المطلق.
وقد يصح أن يحلف فيما لا تسوع فيه الشهادة، وهو إذا وجد بخطه دينا على غيره وقد نسيه وهو يعلم أنه لا يكتب إلا حقا، ساع له أن يحلف وبمثله لا يسوع له أن يشهد، كذلك إذا وجد في روزنامج أبيه دينا على غيره وهو يعلم أنه لا يكتب إلا حقا ساع له أن يحلف ويستحق، وبمثله لا يشهد، والذي يقتضيه مذهبنا أنه لا