ولأنه ليست شهادتها على فعل نفسها، فإن الحكم الذي يتعلق بالرضاع غير فعلها، وهو حصول اللبن في جوف الصبي بدليل أنه لو شرب منها وهي نائمة لنشر الحرمة، وهاهنا شهادة على فعل نفسه، وعندنا أن شهادة المرضعة لا تقبل أصلا، فسقط ما قالوه، هذا إذا قال بعد العزل: حكمت بكذا.
فأما إن قال: أقر فلان لفلان بكذا، قبل وكان شاهدا لأنه إخبار عن فعل غيره لا عن فعل نفسه، فأما إن قال بعد العزل: حكم حاكم نافذ الحكم على ذلك بكذا، قال بعضهم: يكون شاهدا لأنه شهد على فعل غيره، وقال آخرون: لا يقبل لجواز أن يكون إخبارا عن حكم نفسه، لكنه أبهمه ولم يفسر، وهو الأقوى.
وجملته أن فيما يخبر به بعد عزله ثلاث مسائل: إن قال: حكمت، لم يقبل وهل يكون به شاهدا؟ فعلى وجهين. وإن قال: أقر فلان عندي بكذا، كان شاهدا واحدا، وإن قال: حكم به حاكم، فعلى وجهين أقواهما أنه لا يقبل في الموضعين.
كل من لا تقبل شهادته لم يصح حكمه له، وهم الوالدون آباؤه وأمهاته وإن علوا، وولده وولد ولده ذكرا كان أو أنثى وإن سفلوا، وقال بعضهم: يجوز ذلك ويصح، وهو الذي يقتضيه مذهبنا، فأما من عدا العمودين من أقاربه فالحكم لهم صحيح كالشهادة.
إذا ترافع إليه نفسان وكان الحكم بينهما واضحا لا إشكال فيه، لزمه أن يقضي بينهما، ويستحب أن يأمرهما بالمصالحة ويتحللهما التأخير، فإن أخرا فذلك وإن أبيا إلا المناجزة حكم بينهما، وإن كان حكمها مشكلا أخره إلى البيان، ولا حد له غير ظهور الحكم وبيان الحق وإن قدمه لم يجز لأن الحكم قبل البيان ظلم والحبس بالحكم بعد البيان ظلم.
فإن كان بين القاضي وبين بعض رعيته حكومة نظرت: فإن كان الإمام حاضرا ترافعا إليه، وإن كان في غير بلده نظرت: فإن كان البلد ذا جانبين كبغداد ولكل جانب حاكم، عبره مع خصمه إلى حاكم الجانب الآخر ليقضي بينهما، لأنه إذا عبر