وماعز بن مالك اعترفا عند النبي عليه السلام بالزنى، فلم ينكر ذلك بل رجم كل واحد منهما.
وأما إن كان مشتهرا شائعا في الناس، فالتوبة الندم على ما كان، والعزم على أن لا يعود، وأن يأتي الإمام ويعترف به عنده ليقيم عليه الحدود.
والفصل بينهما أنه إذا لم يكن مشتهرا كان في ستره فائدة وهو ألا يشتهر ولا يضاف إليه، وليس كذلك هاهنا لأنه إذا كان مشتهرا ظاهرا فلا فائدة في ترك إقامته عليه، وعندي أنه يجوز له أن يستتر به ولا يعترف، بل يتوب فيما بينه وبين الله ويقلع عما كان، ويتوفر على أعمال الصالحات لعموم الخبر الذي تقدم، هذا كله في حدود الله قبل أن يتقادم عهدها أو تقادم عهدها، وقيل: لا يسقط بتقادم العهد، فأما من قال يسقط بتقادم العهد فلا يعترف بذلك بحال، لأنه لا حد عليه فمتى اعترف كان اعترافا بغير حق، هذا الكلام في التوبة الباطنة.
وأما الكلام في التوبة الحكمية - وهي التي تقضي له بها بالعدالة وقول الشهادة - فلا تخلو المعصية من أحد أمرين: إما أن يكون فعلا أو قولا.
فإن كانت فعلا كالزنا والسرقة واللواط والغصب وشرب الخمر، فالتوبة هاهنا أن يأتي بالضد مما كان عليه وهو صلاح عمله لقوله تعالى: " إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات " فإذا ثبت أنها صلاح عمله فمدته التي تقبل بها شهادته سنة، ومن الناس من قال: يصلح عمله ستة أشهر.
وأما إن كانت المعصية قولا لم تخل من أحد أمرين: إما أن يكون ردة أو قذفا.
فإن كان ردة فالتوبة الإسلام وهو أن يأتي بالشهادتين " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله " وأنه برئ من كل دين خالف دين الإسلام، فإذا فعل هذا فقد صحت توبته وثبتت عدالته، وقبلت شهادته، ولا يعتبر بعد التوبة مدة يصلح فيها عمله، لأنه إذا فعل هذا فقد أتى بضد المعصية.