الثاني: وأما الموت فكذلك يتحملها بالاستفاضة لأن أسباب الموت كثيرة مختلفة، فإذا سمع الناس يقولون قد مات فلان صار شاهدا بموته.
فإذا ثبت هذا فأقل ما يستفيض به عنه أن يسمعه من عدلين، فإذا سمع ذلك من عدلين صار متحملا لها يشهد شهادة نفسه، لا أنه يشهد على شهادة غيره.
الثالث: وأما الملك المطلق فكذلك إذا استفاض في الناس أن هذا ملك فلان من دار أو دابة أو عبد أو ثوب صار شاهدا بذلك، لأن أسباب الملك كثيرة مختلفة يملك بالشراء والهبة والغنيمة والأحياء والإرث، فلهذا صار به شاهدا بالاستفاضة كالموت والنسب سواء، فإذا سمعه من عدلين فصاعدا أجزأه وصار شاهدا بنفسه لأنه يؤديها عن غيره.
فإذا ثبت هذا فإنما يشهد بالملك المطلق بالاستفاضة دون سببه، فلا يقول ملكه بالشراء أو بالهبة أو بالإحياء أو غنيمة، لأن هذه الأسباب لا يشهد بها بالاستفاضة، ولهذا لا يصح أن يعزى ملك إليها، إلا الميراث فإنه يصح أن يعزيه إلى سببه بالاستفاضة لأن سببه الموت، والموت يثبت بالاستفاضة والإرث يقع به، فلهذا صح أن يعزيه إليه بالاستفاضة والإرث يقع به، فلهذا صح أن يعزيه إليه بالاستفاضة.
فأما إن كان في يده دار يتصرف فيها مطلقا من غير منازع بالهدم والبناء والإجارة والإعارة وغير ذلك، فيسوع للشاهد أن يشهد له باليد بلا إشكال، وأما بالملك المطلق فلا تخلو المدة من أحد أمرين: إما أن تكون طويلة أو قصيرة.
فإن كانت طويلة مرت عليه السنون على صورة واحدة من غير منازعة، قال بعضهم: يشهد له بذلك لأن عرف العادة قد تقرر أن من تصرف مطلقا من غير منازع كان متصرفا في ملكه، وقال غيره: إن البينة تشهد له باليد والتصرف وأما بالملك مطلقا فلا، لأن اليد تختلف فيكون مستعير أو مستأجر أو مالك أو وكيل أو أمين أو وصي والتصرف واحد فإذا اختلفت الأيدي وأحكامها لم يجز أن يشهد بالملك المطلق، ولأن اليد لو كانت ملكا لوجب إذا حضرا عند الحاكم فقال المدعي: أدعي دارا في يد هذا، أن لا تسمع دعواه لأنه قد اعترف بالملك له، فلما سمعت دعواه