وأما إن كانت المعصية قذفا لم تخل من أحد أمرين: إما أن يكون قذف سب أو قذف شهادة.
فإن كانت قذف سب فالتوبة إكذابه نفسه، لما روي عن النبي عليه السلام في قوله تعالى: " وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا " قال النبي صلى الله عليه وآله: توبته إكذابه نفسه، فإذا تاب قبلت شهادته.
فإذا ثبت أن التوبة إكذابه نفسه، واختلفوا في كيفيته، قال قوم: أن يقول القذف باطل حرام ولا أعود إلى ما قلت، وقال بعضهم: التوبة إكذابه نفسه وحقيقة ذلك أن يقول: كذبت فيما قلت، وروي ذلك في أخبارنا، والأول أقوى لأنه إذا قال: كذبت فيما قلت، ربما كان كاذبا في هذا لجواز أن يكون صادقا في الباطن وقد تعذر عليه تحقيقه فإذا قال القول باطل حرام، فقد أكذب نفسه وقوله: لا أعود إلى ما قلت فهو ضد ما كان منه.
فإذا ثبتت صفة التوبة فهل تفتقر عدالته التي تقبل بها شهادته إلى صلاح العمل أم لا؟ قال قوم: مجرد التوبة يجزئه، وقال قوم: لا بد من صلاح العمل، وهو الأقوى لقوله " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا " فمن قال: لا يفتقر إلى صلاح العمل، فلا كلام، ومن قال: يفتقر إليه، فصلاح العمل مدة سنة على ما مضى، هذا الكلام في قذف السب.
وأما قذف الشهادة، فهو أن يشهد بالزنى دون الأربعة فإنهم فسقة، وقال قوم:
يحدون، وقال آخرون: لا يحدون، فالتوبة هاهنا أن يقول: قد ندمت على ما كان مني ولا أعود إلى ما أتهم فيه ولا يقول ولا أعود إلى ما قلت، لأن الذي قاله شهادة فيجزئه أن يقول: لا أعود إلى ما أتهم فيه، فإذا قال هذا زال فسقه وثبتت عدالته وقبلت شهادته، ولا يراعى صلاح العمل.
والفرق بين هذا وبين قذف السب هو أن قذف السب ثبت فسقه بالنص وهذا بالاجتهاد عندهم.
ويجوز للإمام عندنا أن يقول: تب أقبل شهادتك، وقال بعضهم: لا أعرف