والقاسم والحاكم فيما يخبران به سواء، لكن نفرضها في الحاكم.
فإذا أخبر الحاكم بحكم قد حكم به لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون قبل العزل أو بعده.
فإن كان قبل العزل فقال: حكمت لفلان بكذا أو أقر فلان عندي لفلان بكذا أو شهد عندي شاهدان لفلان بكذا فحكمت بذلك، كان قوله مقبولا فيما أخبر به، فإن أخبر به حاكم ثبت عند الحاكم بقوله ما أخبره به وإن شهد شاهدان عند حاكم بما قال، ثبت عنده ذلك وعمل عليه وأنفذه وأمضاه إن كان ثبت عنده بالبينة، وإن كان الحاكم المقر أخبر به حاكما غيره، فمن قال: الحاكم يحكم بعلمه أمضاه، ومن قال: لا يقضي بعلمه، لم يمضه، وجملته أن مسموع القول مقبول الخبر فيما قال وأخبر به، وفيه خلاف.
فإذا ثبت هذا فإن الحاكم فيما يخبر به غيره بمنزلة المفتي والمستفتي، إذا أفتى عالم عاميا بشئ كان فرضه ما أفتاه يعمل به ويعتمد عليه، كذلك هاهنا، هذا فيما يخبر به قبل عزله، والذي يقتضيه مذهبنا أنه لا يجب على القاضي الأخير أن، يعمل بقوله أصلا لأنه لا دليل عليه.
فأما إن أخبره به بعد عزله وعزاه إلى حال ولايته لم يقبل ذلك منه، ولا يحكم بقوله وحده، لأن كل من لم يملك الشئ لم يملك الإقرار به، كمن باع عبده ثم أقر أنه أعتقه أو باعه بعد أن باعه فالكل لا يقبل منه، لأنه لا يملكه فلا يملك الإقرار به.
فإذا ثبت أنه لا يقبل قوله وحده، فهل يكون قوله بمنزلة شاهد واحد شهد به حتى إذا شهد معه غيره عند حاكم آخر ثبت شهادتهما؟، قال قوم: لا يقبل أصلا، و قال بعضهم: يكون كالشاهد الواحد وإن كان على فعله كشهادة المرضعة، والأول أصح عندنا لأنها شهادة على فعله، كما لو قال: ابتعته من زيد لم يقبل منه.
ويفارق المرضعة لأنه ليس فيما تذكره تزكية نفسها، بدليل أن ما ذكرته يصح من فاسقة وعدل وحرة ومملوكة، فلهذا قبل قولها، وليس كذلك في مسألتنا لأن فيما أخبر به تزكية نفسه، لأن تحت قوله: أنا حكمت - أي أنا أمين ثقة فيما أخبرت به -