قوم: لا يرد عليه لأنها يمين بذلها لخصمه، فإذا عفا عنها لم تعد إلى باذلها كيمين المدعى عليه إذا بذلها للمدعي ثم عفا عنها، فإنها لا تعود إلى باذلها، وقال آخرون:
يرد إليه، وهو الأصح عندنا، لأن هذه غير تلك، فإن هذه يمين الرد يقضى بها في الأموال وغيرها، وتلك يمينه مع الشاهد لا يقضى بها في غير الأموال، وسببها غير سبب تلك، فإن سببها نكول المدعى عليه.
فمن قال: لا يرد عليه، حبس المدعى عليه حتى يحلف أو يعترف، ومن قال:
يرد ردها، فإن حلف ثبت حقه، وإن لم يحلف انصرف.
إذا ادعى جماعة على رجل أن أبانا مات وخلف دينا عليك ألفا أو ادعوا عليه أن فلانا الميت قد أوصى لنا بوصية وهي ألف درهم في يديك، فهما مسألتان:
الأولى ادعوا دينا لأبيهم عليه، وأنهم قد ورثوه، والثانية ادعوا وصية عنده وأنهم يستحقونها وأقاموا شاهدا واحدا، كان لهم أن يحلفوا معه، لأنه مال.
ثم ينظر فيه: إن حلف الكل مع شاهد قضي لهم بذلك، وإن كان دينا كان بينهم على فرائض الله، لأنهم ورثوه عن أبيهم، وإن كان الحق وصية كانت بالسوية لأنها عطية والعطايا بالسوية، إلا أن يكون الموصي فاضل بينهم فيكون على تفضيلها، هذا إذا حلف الكل.
فأما إن حلف بعضهم، مثل أن كانا أخوين فحلف أحدهما فإنه يستحق ما حلف عليه يتفرد به لا يشاركه أخوه فيه، ومن لم يحلف سقط حقه، فهذا الناكل لا يشارك الحالف فيما حلف عليه، لأنه إذا كان لهما بالحق شاهد واحد ملك كل واحد منهما أن يحلف معه ويستحق، فإذا لم يحلف البعض فقد أدحض حجته وأسقط حقه، فلا يشارك الحالف فيما استحقه بيمينه.
وإن كان أحدهما معتوها أو صبيا فإن وليه يدعي له ولا يحلف لأنه ليس من أهل اليمين ولا يحلف عنه وليه لأن الأيمان لا تدخلها النيابة، فيتوقف حقه، فإن عقل المعتوه أو بلغ الصبي حلف وثبت حقه، وإن مات قام وارثه مقامه حلف واستحق.