روي عنه عليه السلام أنه قال: لا يبلغ بالحد في غير حد، وهو إلى اجتهاد الإمام يعزره بحسب ما يراه ممن وجب عليه من القوة والضعف، فإن كان ممن لا يحتمل الضرب أصلا حبسه أو وبخه وقرعه وينبغي أن يشهر ويظهر للناس ليشيع فيهم ويعرف به في الموضع الذي يعرف فيه، فينادى عليه فيه إما في سوقه أو محلته أو مسجده أو قبيلته بحسب ما يكون معروفا في هذه المواضع.
فإذا أتى به رسول الحاكم إلى هذا المكان قال: أنا رسول الحاكم إليكم ويقول:
وجدنا هذا شاهد زور فاعرفوه، فهذا قدر شهرته، ولا يحلق رأسه ولا يركب ولا يطاف به ولا ينادي هو على نفسه، وفيه خلاف، وقد روي في أخبارنا أنه يركب وينادى عليه.
إذا ترافع نفسان إلى رجل من الرعية فرضيا به حكما بينهما وسألاه أن يحكم لهما بينهما جاز، وإنما يجوز أن يرضيا بمن يصلح أن يلي القضاء وهو أن يكون من أهل العدالة والاجتهاد والكمال، على ما شرحناه من صفة القاضي، لأنه رضي به قاضيا فأشبه قاضي الإمام، ولا فصل بين أن يرضيا به في بلد فيه حاكم سواه أولا حاكم فيه الباب واحد، لأنه إذا كان ذلك إليهما في بلد لا قاضي به كذلك في بلد به قاض.
فإذا ثبت أنه جائز فإذا نظر بينهما فمتى يلزم حكمه في حقهما؟ قال قوم:
بالرضا بما حكم به بعد حكمه، وقال آخرون: يلزم حكمه بما يلزم به حكم الحاكم وهو إذا أمضاه هو عليهما لما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: من حكم بين اثنين تراضيا به فلم يعدل بينهما فعليه لعنة الله، فلو لا أن حكمه بينهما يلزم، ما تواعده باللعن عند الجور.
وفي هذا المعنى قوله تعالى: " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه "، فلو لا أنه مما إذا أظهره لزم، ما لحقه الوعيد بكتمانه.
وقال عليه السلام: من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار، فلو لا أن علمه يلزم إذا أظهره ما لحقه الوعيد إذا كتمه.