أجلوني في جرحهم، أجلناه فإن أتى بالجرح وإلا فقد نفذ الحكم.
فإذا ثبت هذا فالكلام في الحقوق التي يقضى بها على غائب وما لا يقضى، وجملته أن الحقوق على ثلاثة أضرب: حق للآدميين محض، وحق له محض وحق لله يتعلق به حق لآدمي، فإن كان لآدمي كالدين ونحو ذلك قضي به عليه، وإن كان لله كالزنا واللواط وشرب الخمر لا يقضى عليه بها، لأن القضاء على الغائب احتياط وحقوق الله لا يحتاط لها لأنها مبنية على الإسقاط والتخفيف، وحقوق الآدميين بخلاف ذلك، وأما ما كان حقا لله يتعلق به حق لآدمي، فهو السرقة يقضي عليه بالغرم دون القطع.
شهادة الزور معصية كبيرة من أعظم الكبائر روى خريم بن فاتك قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة الصبح فلما انصرف قام قائما فقال: عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ثلاث مرات ثم تلا قوله تعالى: فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور.
روي عنه عليه السلام أنه قال: إن شاهد الزور لا يزول قدماه حتى يتبوأ مقعده من النار.
ويجب بها التعزير والشهرة إذا تحقق ذلك وإنما يعلم ذلك قطعا بإقراره بذلك أو بأن يشهد شاهدان عند الحاكم أن فلانا فجر بفلانة مع الزوال يوم الفطر بالكوفة، أو قتل فلانا في هذا الوقت بالكوفة، وكان المشهود عليه في هذا الوقت بحضرة الحاكم ببغداد، فيعلم القاضي قطعا أنهما كذبا عليه، وإنما شهدا بالزور فأما فيما تعارضت به البينتان مثل أن شهدا عنده بذلك، وشهد آخران أن المشهود عليه كان في ذلك الوقت بالبصرة أو بخراسان، فلا يعلم الصادق منهما، أو كان الشاهدان فاسقين أو كافرين أو عبدين فردت شهادتهما لذلك، ولم يعلم كذبهما، فكل هذا لا يوجب تعزيرا ولا عقوبة لجواز أن يكونا صادقين فيما شهدا به، لكنها ردت لمعنى في الشاهد.
فإذا ثبت ذلك قطعا فالعقوبة التعزير والشهرة، والتعزير يكون بما دون الحد.