الحكم به فلهذا لم يقض عليه.
وأما إن كان حاضرا في البلد غير ممتنع من الحضور فهل له أن يقضي عليه وهو غائب عن مجلس الحكم أم لا؟ قال قوم: له ذلك، لأنه غائب عن مجلس الحكم، والصحيح أنه لا يقضي عليه لأنه مقدور على إحضاره، والقضاء على الغائب إنما جاز لموضع الحاجة وتعذر إحضاره.
فالقضاء على الغائب يجوز عندنا في الجملة وعند جماعة، وقال بعضهم:
أقضي عليه ولو كان خلف حائط، وقال جماعة: لا يجوز القضاء على الغائب حتى يتعلق الحكم بخصم حاضر شريك أو وكيل له، والحاكم عندهم يقول: حكمت عليه بعد أن ادعى على خصم ساع له الدعوى عليه، على موافقة منهم، فالحكم يضع هذه الدعوى ولا أصل لها ليصح الحكم عليه بأنه فاسد في الأصل.
وتحقيق هذا أن القضاء على الغائب جائز بلا خلاف، لكن هل يصح مطلقا من غير أن يتعلق على حاضر أم لا؟ عندنا وعند جماعة يجوز وعندهم لا يجوز.
فإذا ثبت أن القضاء على الغائب جائز، فإذا سمع الحاكم البينة عليه ثم حضر نظرت:
فإن كان حضوره قبل الحكم بها عليه، قال له الحاكم ما جرى: وهو أن فلان بن فلان ادعى عليك كذا وأقام به البينة فلانا وفلانا وسمعتها، وعرفت عدالتهما فما قولك؟ فإن اعترف فلا كلام، وإن أقام البينة على القضاء والإبراء، ثبت وبرئ، وإن جرح الشهود لم يحكم عليه بفاسقين، وإن سأل أن يؤخره في الجرح ويؤجله به أجله ثلاثا فإن أتى بجرح وإلا حكم عليه.
وأما إن حضر وقد حكم عليه، عرفه ذاك أيضا، فإن قال: حكمت بالحق فلا كلام، وإن أتى ببينة بالقضاء والإبراء سمعت وبرئ، وإن جرح الشهود لم يقبل منه حتى يكون مقيدا، - وهو أن الفسق كان موجودا حين الحكم أو قبله، ولا يقبل مطلقا لجواز أن يكون الفسق بعد الحكم فلا يقدح فيه -، ويفارق هذا قبل الحكم حين قبلنا الجرح مطلقا لأنه متى ثبت الفسق وقف الحكم بشهادتهما، وإن قال: