مسألة:
ومما يشنع به على الإمامية ونسبت إلى التفرد به وقد وافق فيه غيرها القول بإباحة وطء النساء في غير فروجهن المعتادة للوطء، وأكثر الفقهاء يحظرون ذلك.
وحكى الطحاوي في كتاب الاختلاف عن مالك أنه قال: ما أدركت أحدا أقتدي به في ديني يشك في أن وطء المرأة في دبرها حلال، ثم قرأ: (نساؤكم حرث لكم) الآية.
وقال الطحاوي في كتابه هذا: حكى لنا محمد بن عبد الله بن الحكم أنه سمع الشافعي يقول ما صح عن النبي ع في تحريمه ولا تحليلة شئ، والقياس أنه حلال.
والحجة في إباحة ذلك إجماع الطائفة، وأيضا قوله تعالى: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ومعنى أنى شئتم كيف شئتم، وفي أي موضع شئتم وآثرتم ولا يجوز حمل لفظة أنى هاهنا على الوقت لأن لفظة أنى تختص الأماكن وقلما تستعمل في الأوقات، واللفظة المختصة بالوقت أيان شئتم، ولا فرق بين قولهم الق زبدا أنى كان وأين كان في عموم الأماكن على أنا لو سلمنا أن الوقت مراد بهذه اللفظة حملناها على الأمرين معا من الأوقات والأماكن.
فأما من ادعى أن المراد بذلك إباحة وطء المرأة من جهة دبرها في قبلها بخلاف ما تكرهه اليهود من ذلك فهو تخصيص لظاهر الكلام بغير دليل، والظاهر فأما الطعن على هذه الدلالة بأن الحرث لا يكون إلا بحيث النسل وقد سمى الله تعالى النساء حرثا فيجب أن يكون الوطء حيث يكون النسل فليس بشئ لأن النساء وإن كن لنا حرثا فقد أبيح لنا وطؤهن بلا خلاف في غير موضع الحرث كالوطء دون الفرج وما أشبهه، ولو كان ذكر الحرث يقتضي ما ذكروه لتنافي أن يقول لنا: نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، من قبل أو دبر، وقد علمنا أن ذلك صحيح غير متناف، ولا يمكن الاستدلال على إباحة ما ذكرناه بما تعلق به قوم فيها من قوله تعالى: أ تأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون، وقالوا: لا يجوز أن يدعو إلى التعوض عن الذكران بالأزواج إلا وقد أباح منهن الوطء مثل ما يلتمس من الذكران