مع صلتها في حكم المصدر، وهذا يقتضي تحريم الجمع بينهما في عقد واحد وتحريم الجمع بينهما في الوطء سيما بملك اليمين، فإذا وطئ إحديهما لم يحل له الأخرى حتى تخرج تلك من ملكه وهو قول الحسن وأكثر المفسرين والفقهاء، ومن أجاز الجمع بينهما في الوطء على ما ذهب إليه داود وقوم من أهل الظاهر فقد أخطأ في الاختيار، وكذا في الربيبة وأم الزوجة لأن قوله: وأمهات نسائكم، يدخل فيه المملوكة والمعقود عليها، وكذا قوله: من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، يتناول الجميع وكذا قوله: وأن تجمعوا بين الأختين، عام في الجميع على كل حال في العقد والوطء وإنما أخرجنا جواز ملكها بدلالة الاجماع، ولا يعارض ذلك قوله تعالى: أو ما ملكت أيمانكم، لأن الغرض بهذه الآية مدح من يحفظ فرجه إلا عن الزوج أو ما ملكت الأيمان، فأما كيفية ذلك فليس منه، ويمكن الجمع بينهما بأن يقال: أو ما ملكت أيمانهم إلا على وجه الجمع بين الأم والبنت أو الأختين.
وقوله تعالى: إلا ما قد سلف، استثناء منقطع لكن ما قد سلف لا يؤاخذكم الله به الآن وقد دخلتم في الاسلام وتركتم ما فعلتم في الجاهلية، وليس المراد أن ما سلف حال النهي يجوز استدامته بلا خلاف، وقيل: إن " إلا " بمعنى سوى وموضع " أن تجمعوا " رفع تقديره حرمت عليكم الأشياء والجمع بين الأختين، فإنما يحرمان على وجه الجمع دون الانفراد سواء اجتمع العقدان أو افترقا وكان ذلك لبني إسرائيل حلالا، فإن خلفت إحديهما الأخرى جاز، ويمكن الاستدلال بهذه الآية على أنه لا يصح أن يملك واحدة من ذوات الأنساب المحرمات ومن الرضاع أيضا لأن التحريم عام بقوله ع: حرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فهو دليل على أنه لا يصح ملكهن من جهة الرضاع وإن كان فيه خلاف.
وأما المرأة التي وطئها بلا تزويج ولا ملك فليس في الآية ما يدل على ينه يحرم وطء أمها وبنتها لأن قوله تعالى: وأمهات نسائكم: وقوله: من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، يتضمن إضافة الملك أما بالعقد أو بملك اليمين فلا يدخل فيه من وطء من لا يملك وطأها، غير أن قوما من أصحابنا ألحقوا ذلك بالموطوءة بالعقد والملك بالسنة والأخبار المروية في ذلك وفيه خلاف بين الفقهاء، ثم قال: إن الله كان غفورا رحيما، أخبر سبحانه أنه كان غفورا حيث لم